مع اشتداد همجية النظام السوري على الغوطة الشرقية، واستفحال واستمرار المقتلة والمحرقة الواقعة فوق رؤوس أهلنا في الغوطة، بل في كل بقاع الوطن السوري، تبرز أهمية تفعيل الدور الحقيقي للجالية السورية والعربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأميركية، في محاولة لتحريك الرأي العام الأميركي، ضغطًا على الإدارة الأميركية، ليكون لها الدور الحقيقي من أجل لجم الطاغية الأسدي، ومن يقف معه من روس وايرانيين ومليشيا طائفية.
حول كل هذه المسائل وسواها التقى موقع مصير الناشط والمحامي السوري في نيويورك الأستاذ طارق غريبي الذي تحدث قائلًا: ” حول ما يمكن أن يفعله الناشطون السوريون في أميركا لنصرة سورية لا سيما الغوطة وإدلب، فإننا منذ بداية الثورة السورية لم نألُ جهداً-ضمن إمكانياتنا المتواضعة- لشرح ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة. وخصوصاً الآن أمام هول المعاناة الناتجة عن حرب الإبادة التي يشنها النظام السوري المجرم مدعوماً بسلاح الجو الروسي والمليشيات الإيرانية على أهلنا في الغوطة، إضافة للذي يكابده أهلنا في إدلب من مجازر نتيجة القصف الروسي الأسدي من جهة والاقتتال الفصائلي الدموي من جهة أخر.
أمام هذه المآسي كنّا و ما زلنا-كناشطين و مغتربين- ندعوا ونشارك في المظاهرات في الأماكن العامة و تنفيذ الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات أمام الأمم المتحدة والمشاركة في الندوات الثقافية حول سورية…و أعتقد أن هناك وسيلة أخرى لا تقل أهميةً عن المظاهرات وهي الاتصال بأشخاص صانعي القرار في الولايات المتحدة كأعضاء مجلس الشيوخ والنواب والبيت الأبيض سواء عن طريق الهاتف أو البريد الإليكتروني وإعلاننا الاعتراض وعدم الرضى عن سياسة النفاق المتبعة بشأن القضية السورية، وتجاهل الدماء التي ما زالت تُراقُ كل يوم في الغوطة و غيرها بفعل الإجرام الأسدي و حلفائه.”. ثم تابع قائلا: ” بالنسبة لتشكيل لوبي عربي إسلامي ضاغط ومؤثر في السياسة الأميركية المتعلقة بالقضايا العربية والإسلامية، فإنني أعتقد أن هذا(الحلم) صعب المنال لا سيما في الوقت الحاضر، لأن الجالية العربية هنا متأثِرة بالحكومات العربية العميلة، والتابعة والمنساقة وراء الأميركي المُسيطرَ عليه أساساً من اللوبي الصهيوني، كما أن غياب عنصر التنظيم والتعاون بين أبناء الجاليات العربية والإسلامية وعدم وجود مؤسسة إعلامية محترفة تحاكي الضمير الأميركي. كل ذلك يجعل من تحقيق ذلك الحلم شبه مستحيل”.
وعن أوضاع الغوطة قال غريبي ” بعد صدور قرار مجلس الأمن صباح يوم24/2/2018 أعتقد أن الوضع لن يقل مأساوية بعد صدور القرار وقد توقعنا ألا تستخدم روسيا الفيتو هذه المرة لأن مسودة القرار فُصلت على قدها وإن مجلس الأمن عُقد أساساً لحفظ ماء وجه المنظمة الدولية التي وقفت عاجزةً على مدى سبعة سنوات عن فعل أو تقديم أي شيء على الأرض من شأنه حقن الدم السوري وردع النظام المجرم وحلفائه عن جرائمه التي فاقت كل تصور، إضافة إلى أن القرار لم يحدد موعداً زمنياً لبدء وقف القتال، وتخللته العبارات المطاطية التي لم تبين آلية تنفيذ القرار أو الإجراءات التي ستتبع بحق من يخرق هذه الهدنة إذا جاز التعبير، فهذا القرار في حقيقته لم يأتِ لِلَجْم النظامين السوري أو الروسي، والدليل على ذلك أنهما شنّا -وبعد ساعات قليلة- من صدور القرار هجمة عسكرية هي الأشرس على الغوطة لاستعادة السيطرة عليها و إجلاء أصحابها لخلق تغيير ديموغرافي مبني على أسس طائفية، لكنها باءت بالفشل وتكبد النظام خسائر كبيرة بفضل الصمود الأسطوري لثوار الغوطة الأشاوس..!؟”.
وحول إمكانية رفع دعاوى أمام المحاكم الأميركية ضد طاغية الشام قال ” إن القانون الأميركي يعطي الحق(للمواطنين الأميركيين) برفع دعاوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بممتلكات تعود لهم موجودة على الأراضي السورية وهذا النوع من الدعاوى يأخذ الطابع المدني وليس الجزائي، والإشكال القانوني يثور عند تنفيذ القرار القضائي الذي يحصل عليه المواطن الأميركي حيث يكون التنفيذ على أرض الواقع شبه مستحيل، لا سيما أن المدعى عليه(نظام الأسد) لم يكن ممثلاً في الدعوى. وأودّ أن أضيف أن الدعاوى الجزائية أو الجنائية التي قد يمكن إقامتها على النظام بتهم ارتكاب جرائم قتل وإبادة، فإن القانون الدولي ينص-إذا استثنينا حالة محكمة لاهاي لجرائم الحرب- على أن المحاكم المختصة للنظر بأمثال تلك الجرائم هي المحاكم الإقليمية (الاختصاص المكاني) التي وقعت في دائرتها تلك الجرائم، بمعنى آخر فإن المحاكم الجنائية السورية-وليست الأميركية أو غيرها- هي المخولة لمحاكمة المجرمين السوريين بما فيهم رئيس الدولة الذي يحاكم-وفق الدستور السوري- بجريمة الخيانة العظمى فقط. وقد كتبت عن ذلك في عام 2012 مقالًا بينت فيه انطباق شروط وأركان جريمة الخيانة العظمى بحق المجرم بشار الأسد مما يستوجب محاكمته وإدانته.!؟”. أما عن التواصل مع الإعلام الأميركي لفضح جرائم النظام السوري فيقول ” إننا نقتنص أية فرصة أمام ومع الإعلام لفضح جرائمه وجرائم حلفائه بحق الشعب السوري وكشف التزييف الإعلامي الذي يحاول تغيير صورته من مجرم حرب إلى مكافحٍ للإرهاب لشرعنة استمراره بقتل السوريين.. وكما تعلمون فإن هذه المهمة ليست سهلة في ظل سيطرة الإعلام الصهيوني المناصر للنظام، الذي حمى حدود إسرائيل لخمسة عقود…! وسواء كانت وسيلة الإعلام -التي نحاورها-مرئيّة أم مقروءة أم مسموعة فإن إقناعهم يزداد صعوبة عندما يتطرق الحديث عن الإرهاب وداعش ومحاولتنا تبيان أنهم يلصقون الإرهاب بالإسلام وإنهم من صنع داعش وأمثالها لاتخاذ ذلك ذريعة للهجوم على الدول العربية والإسلامية وإبقاء السيطرة على مقدراتها ونهب ثرواتها”.!