يوم آخر من التوتر الأمني شهدته محافظة درعا جنوب البلاد السبت، جرت فيه اشتباكات بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة المنضمين للفيلق الخامس، أدت إلى سقوط ضحايا من الجانبين، وسيطرة الفيلق على عدد من الحواجز.
التصعيد الأخير بدأ عصر السبت عندما اعتقل حاجز للنظام تابع لفرع أمن الدولة، في بلدة محجة بريف درعا الشمالي، رئيس مجلس محلي سابق في المعارضة. وبعد رفض المسؤولين عن الحاجز إطلاق سراح المعتقل هاجم عناصر من اللواء الثامن في الفيلق الخامس، الذي يقوده أحمد العودة، الحاجز وجرت مواجهات عنيفة بين الجانبين، أدّت إلى سيطرة مقاتلي الفيلق على الحاجز، بعد مقتل ثلاثة منهم واثنين من قوات النظام، أحدهم ضابط برتبة رائد.
الاشتباكات توسعت لتشمل بلدة صيدا بالريف الشرقي، حيث شن مقاتلون من الفيلق الخامس هجوماً على حواجز البلدة، وسيطروا عليها بعد انسحاب قوات النظام منها، إثر اشتباكات محدودة لم تسفر عن خسائر لدى الطرفين. بينما وقعت إصابات في صفوف أفراد حاجز تابع للنظام في بلدة عين ذكر بالريف الغربي، قرب الشريط الفاصل مع الجولان المحتل، نتيجة هجوم شنه مجهولون على الحاجز.
التصعيد المستمر في ريف درعا لم يقتصر على المواجهات بين مقاتلي الفيلق الخامس وقوات النظام، بل شمل أيضاً اغتيال أحد عناصر الفيلق في بلدة ناحتة بالريف الشرقي على يد مجهولين.
تصعيد السبت الأمني يُعتبر الأعنف خلال الاسبوعين الماضيين في المنطقة، بعد التفجير الذي أودى بحياة تسعة من عناصر الفيلق الخامس في بلدة بصر الحرير بالريف الشرقي لدرعا، منتصف هذا الشهر.
إلا أن اللافت في التطورات الأخيرة هو الرد العنيف الذي قام به عناصر الفيلق، وهم من مقاتلي فصائل المعارضة التي وقعت اتفاق المصالحة مع قوات النظام، بضمانة روسية عام 2018، على عمليات الاعتقال التي تنفذها حواجز النظام في مناطق انتشارها، الأمر الذي يردّه ناشطون من أبناء المحافظة إلى حالة الاحتقان الكبير بين عناصر وقادة المعارضة، بسبب تزايد التجاوزات التي ترتكبها قوات النظام وأجهزته الأمنية في هذه المناطق، على الرغم من الوضع الخاص الذي منحت منذ توقيع اتفاقية التسوية، وعلى رأس هذه التجاوزات استمرار عمليات الاعتقال بحق المدنيين والمنتسبين للمعارضة سابقاً.
ومع ذلك فإن هذه التطورات لم تحل دون افراج النظام عن دفعات جديدة من المعتقلين في سجونه من أبناء حوران. مسؤول في اللجان المركزية في درعا، يرى أن النظام لم يعد يستطيع تجاهل ملف المعتقلين من أبناء حوران بالشكل الذي كان يتم التعامل معه من قبل، منذ أن تدخل الجانب الروسي فيه بجدية قبل أيام، بعد أشهر من المماطلة وتهرب سلطات النظام من الايفاء بالتزاماتها في ما يتعلق بالمعتقلين الذين تعهدت روسيا من قبل بتسويته بشكل كامل.
وقال المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، ل”المدن”: “لدى قادة اللواء الثامن في الفيلق الخامس واللجان المركزية التي تمثل المعارضة المدنية في درعا معلومات بأن موسكو منحت النظام مهلة محددة للافراج عن المعتقلين الذين قام ممثلو الجيش الروسي في سوريا بتوثيق أسمائهم وتاريخ اعتقالهم من خلال تواصلهم المباشر مع ذوي المعتقلين أو الممثلين عنهم في المعارضة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعد عامين من مماطلة النظام وتسويفه”.
وكانت سلطات النظام قد سلمت في وقت سابق من حزيران/يونيو أربعين جثة لمعتقلين لديها إلى ذويهم في بلدة محجة بريف درعا، بعد أن كانت قد أنكرت وجودهم لديها.
والمعتقلون الذين يعتقد على نطاق واسع بأنهم قضوا تحت التعذيب هم من المقاتلين السابقين في صفوف المعارضة كانوا قد وقعوا على اتفاقية التسوية عام 2018، لكن قوات النظام قامت باعتقالهم، مثل المئات غيرهم ممن لا يزالون مغيبين في سجونها.
المصدر: المدن