دخل قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، الذي يشار إليه غالباً باسم قانون قيصر، حيز التنفيذ رسمياً في 17 حزيران/يونيو، 2020. وإن هذا القانون، الذي يوفر للحكومة الأمريكية أساساً قانونياً لفرض عقوبات ليس فقط على الكيانات الحكومية السورية، ولكن أيضاً على أفراد وكيانات أطراف ثالثة ممن يقدّمون مساعدة مباشرة أو غير مباشرة للحكومة، أثار جدالاً واسع النطاق. حيث أعرب كثيرون عن قلقهم من أن القانون له تأثير غير متناسب وغير عادل على الشعب السوري، وهو موضوع يثير قلقاً خاصاً في ضوء جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية المستمرة، بينما شكّك البعض فيما إذا كانت العقوبات الثانوية “خارج نطاق الحدود الإقليمية” هي في الواقع قانونية بموجب القانون الدولي.
وحتى تاريخه، تم إدراج 13 فرداً وكياناً بموجب قانون قيصر في جولتين من إجراءات العقوبات. وإلى الآن، ركّزت حالات الإدراج هذه بشكل حصري تقريباً على المشاريع التنموية الفاخرة، والتي من المفترض أن تهدّئ إلى حدٍ كبير المخاوف من أن يؤدّي إدراج الأفراد والكيانات بموجب قانون قيصر إلى تداعيات سلبية على المدنيين، على الرغم من استمرار المخاوف بشأن وقوع العقوبات تحت سلطات قانونية أخرى. وإن التركيز على مشاريع إعادة الإعمار الفاخرة لديه القدرة على تأخير أو وقف المشاريع التي لا تقتصر فقط على ملء جيوب بعض القادة الأكثر فساداً في سوريا، ولكنها تهدّد أيضاً حقوق الملكية الخاصة بالمدنيين.
تهدف هذه المقالة إلى المساهمة في النقاشات المهمة المحيطة بقانون قيصر من خلال إلقاء نظرة أعمق على 13 حالة إدراج تم فرضها بموجب هذا القانون في شهرين منذ دخوله حيز التنفيذ.
في 17 حزيران/يونيو، وهو نفس اليوم الذي دخل فيه القانون حيّز التنفيذ، أعلنت واشنطن عن إدراج 39 فرداً وكياناً في قائمة الرعايا المدرجين بشكل خاص والأشخاص المحظورين (يشار إليها بقائمة SDN). ومن بين 39 حالة إدراج في 17 حزيران/يونيو، تم فرض عقوبات على الأغلبية – أربعة وعشرون – من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، والذي استهدف أولئك “…الذين يدعمون بنشاط جهود إعادة الإعمار الفاسدة التي يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد”. وتم فرض عقوبات على الأشخاص الخمسة عشر الباقين من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وفقاً للقسم 2 من الأمر التنفيذي رقم 13894، والذي يركّز على “…أولئك الذين يعرقلون أو يعطّلون أو يمنعون وقف إطلاق النار أو الحل السياسي للنزاع السوري”.
وعلى عكس بعض التقارير الإعلامية، لم تُفرَض عقوبات سوى على تسع من حالات الإدراج الخاصة بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية والبالغ عددها 24 بموجب قانون قيصر، بينما تم فرض عقوبات على الحالات الأخرى بموجب السلطة القانونية للأمر التنفيذي 13894.
وفي 29 تموز/يوليو، تم إدراج 14 حالة إضافية فيما يتعلق بسوريا، على الرغم من أن أربعاً منها فقط تم إدراجها بموجب قانون قيصر بسبب “الدعم الكبير” الذي قدّموه للحكومة السورية. وتم إدراج هذه الحالات الأربع من أصل 10 من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، فيما تم إدراج باقي الحالات بموجب الأمر التنفيذي 13582، بينما أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية أربعة أشخاص آخرين وفقاً للقسم 2 من الأمر التنفيذي 13894.
الرعايا المدرجون بشكل خاص والأشخاص المحظورون: تفاصيل الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات بموجب قانون قيصر
تضمنت حالات الإدراج التسع بواسطة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بموجب قانون قيصر في تاريخ دخوله حيز التنفيذ ثلاثة أفراد وستة كيانات.
17 حزيران/يونيو، 2002 حالات الإدراج بموجب قانون قيصر
نذير أحمد جمال الدين
أ. شركة أعيان للمشاريع والتجهيزات محدودة المسؤولية
ب. شركة تميّز محدودة المسؤولية
نادر قلعي
خالد الزبيدي
شركة راماك للمشاريع التنموية والإنسانية
شركة العمار ذات الشخص الواحد محدودة المسؤولية
شركة التيميت للتجارة محدودة المسؤولية
شركة الأجنحة المساهمة المغفلة الخاصة
شارك نذير أحمد جمال الدين في تأسيس شركة أعيان للمشاريع والتجهيزات محدودة المسؤولية في عام 2018 مع والده أحمد جمال الدين، وهو المساهم الأكبر الذي يملك 90% من الأسهم. ودخلت هذه الشركة مؤخراً في مشروع مشترك بقيمة 34.8 مليون دولار لبناء مشروع تطوير سكني وتجاري فاخر مدعوم من الحكومة، يُدعى ماروتا سيتي. وتم إدراج نذير بموجب قانون قيصر لاستفادته ودعمه الحكومة السورية من خلال مشاركته في هذا المشروع. وبسبب فرض عقوبات سابقة من قبل الاتحاد الأوروبي على نفس الأساس، تشير تقارير إلى أنه قام بتأسيس شركة جديدة، شركة تريليوم، في تشرين الأول/أكتوبر 2019 في محاولة للتهرّب من العقوبات ومواصلة مشاركته في أعمال البناء والتعاقد التي تقودها الحكومة.
ويوجد لدى نذير أيضاً ارتباط بشركة تميّز محدودة المسؤولية. وإن نذير مستثمر في شركة بنيان دمشق المساهمة المغفلة الخاصة منذ آذار/مارس 2018، ويسيطر على حصة قدرها 40% عبر شركتي تميز وأعيان. وعلى غرار ذلك، تشارك شركة بنيان دمشق المساهمة المغفلة الخاصة في ماروتا سيتي، وتم تبعاً لذلك فرض عقوبات على شركة تميّز محدودة المسؤولية بموجب قانون قيصر بسبب “تقديمها لدعم مالي أو مادي أو تقني كبير بمعرفة مسبقة، أو انخراطها بمعرفة مسبقة في صفقة كبيرة مع الحكومة السورية (بما في ذلك أي كيان تملكه أو تسيطر عليه الحكومة السورية) أو مع شخصية سياسية بارزة في الحكومة السورية”.
ويوجد لدى نادر قلعي، الذي وصفه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بأنه “مطلع على النظام وله علاقات مع الأسد”، عدد من المشاريع التجارية في سوريا، بما في ذلك تطوير المدينة السياحية الكبرى (غراند تاون). ويعتبر نادر شريكاً لرامي مخلوف وعمل سابقاً كمدير تنفيذي أول في شركة سيريتل، ولديه مع زوجته وشريكته في الأعمال مريم الحاج حسين عدة صلات بشركات تجارية مقرها لبنان وشركات كندية. ويُزعَم أن الشركات الخاضعة لسيطرة نادر تعمل كشركات وهمية لرامي مخلوف. ولقد فُرِضت عقوبات على نادر بموجب قانون قيصر “لتقديمه دعما ماليا أو ماديا أو تقنيا كبيرا إلى الحكومة السورية بمعرفة مسبقة، أو لانخراطه بمعرفة مسبقة في صفقة كبيرة مع الحكومة السورية” أو مع شخصية سياسية بارزة في الحكومة. ومن المتوقع أن يكون لاستهدافه تداعيات على شبكة مخلوف في لبنان.
ولقد واجه نادر، وهو مواطن سوري يتمتّع بوضع الإقامة الدائمة في كندا، مؤخراً تهماً بانتهاك العقوبات الكندية على سوريا من خلال دفع مبلغ 15 مليون ليرة سورية لشركة تدعى (سيريا لينك) في تشرين الثاني/نوفمبر 2013. وكان من المقرر أصلاً محاكمته في محكمة هاليفاكس العليا في أيار/مايو 2020 ولكن تم إرجاء المحاكمة بسبب كوفيد-19، ومن المقرر أن تبدأ في 18 آب/أغسطس، 2020. كما اتُهم نادر بانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا في كانون الثاني/يناير 2019 وخضع لتجميد الأصول وحظر السفر بسبب استثماراته الكبيرة المستمرة في قطاع الإنشاءات السوري.
خالد الزبيدي هو رجل أعمال سوري آخر مشارك بقوة في قطاع الإنشاءات السوري. ويدير خالد شركة مع نادر تسمى شركة زبيدي وقلعي محدودة المسؤولية، ويشارك كذلك في تطوير المدينة السياحية الكبرى (غراند تاون)، وهو مشروع فاخر تقوده الحكومة بالقرب من مطار دمشق. ومنحت الحكومة شركة زبيدي وقلعي محدودة المسؤولية اتفاقية مدتها 45 عاماً لبناء (غراند تاون) مقابل 19-21 في المائة من إيراداتها. وبالإضافة إلى ذلك، يقوم نادر وخالد بتشغيل فندق إيبلا الفاخر من فئة الخمس نجوم، والذي سيكون أيضاً جزءاً من مجمّع (غراند تاون)، وبالتالي سيستفيد من استثمارات الحكومة في المشروع.
كما ترتبط شركة راماك للمشاريع التنموية والإنسانية المساهمة المغفلة القابضة الخاصة برامي مخلوف. وفي منشور بتاريخ 28 أيار/مايو، أعلن رامي عن تحويل أسهمه في مصرف وشركة تأمين لصالح شركة راماك، “التي يملكها بنسبة 99 في المائة” وفقاً لمعهد الشرق الأوسط. ونقل رامي أسهمه إلى راماك بعد أن أمرت الحكومة السورية بمصادرة أصوله وفرض حظر سفر عليه بسبب الضرائب المستحقة على شركة سيريتل.
ويملك إيهاب مخلوف، شقيق رامي، شركة العمار ذات الشخص الواحد محدودة المسؤولية. وحتى وقت قريب، عمل إيهاب أيضاً في شركة سيريتل، شركة رامي مخلوف، لكنه قدّم استقالته في أيار/مايو، بحجة الخلاف العلني بين شقيقه والأسد، مؤكّداً ولائه للرئيس.
وتُعتبر شركة التيميت للتجارة محدودة المسؤولية وشركة الأجنحة المساهمة المغفلة الخاصة اثنتين من الشركات المشاركة في مشروع ماروتا سيتي، وتم فرض عقوبات عليهما بموجب قانون قيصر على هذا الأساس. ويسيطر رامي مخلوف على كلا الشركتين إلى حدٍ ما.
29 تموز/يوليو، 2020 حالات الإدراج بموجب قانون قيصر
وسيم أنور القطان
أ. مجموعة مروج الشام للاستثمار والسياحة
ب. شركة آدم للتجارة والاستثمار محدودة المسؤولية
ج. شركة نقطة تقاطع محدودة المسؤولية
وسيم أنور القطان هو رجل أعمال سوري والرئيس السابق لغرفة تجارة ريف دمشق. وبحسب وزارة الخزانة، فقد أبرم أنور عدة عقود مع الحكومة السورية لتطوير مراكز تسوق (مولات) وعقارات فندقية مملوكة للحكومة في دمشق. وفي الواقع، فقد أرست الحكومة السورية “تقريباً جميع المشاريع العقارية الكبرى الأخيرة” في دمشق على وسيم، باستثناء ماروتا سيتي. حيث فازت شركته مجموعة مروج الشام للاستثمار والسياحة، الخاضعة أيضاً لعقوبات قانون قيصر، بمزاد لإعادة الاستثمار في قاسيون مول في تموز/يوليو 2017، بعد أن وافق وسيم على دفع 1.2 مليار ليرة سورية للحكومة السورية سنوياً. كما دفعت مجموعة مروج الشام للاستثمار والسياحة للحكومة السورية 2.25 مليار ليرة سورية سنوياً منذ توقيع عقد مع وزارة السياحة في حزيران/يونيو 2018 للاستثمار في فندق الجلاء بدمشق.
كما يملك وسيم 50% من شركة آدم للتجارة والاستثمار. حيث حصلت هذه الشركة على عقد من محافظة دمشق في آب/أغسطس 2018 لتطوير وإدارة مول ماسة بلازا بدمشق.
وأخيراً، حصلت شركة نقطة تقاطع محدودة المسؤولية – وهي شركة أخرى مملوكة من قبل وسيم – على عقد مدته 48 عاماً في كانون الثاني/يناير 2019 للاستثمار في مجمّع يلبغا في وسط دمشق. علماً بأن المجمّع مملوك لوزارة الأوقاف السورية، وحصلت شركة نقطة تقاطع على المناقصة من أجل تحويل العقار إلى مجمع تجاري سياحي.
الخاتمة
تُظهر حالات الإدراج حتى الآن بموجب قانون قيصر أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ووزارة الخارجية الأمريكية يستخدمان القانون كأداة مستهدفة، تهدف إلى حدٍ كبير إلى وقف مشاريع إعادة الإعمار الفاخرة. حيث تُعتبر هذه المشاريع خطيرة على جبهتين. أولاً، يتم استخدامها كأداة لتوجيه الأموال الحكومية إلى مجموعة صغيرة من الموالين للأسد الذين لطالما استفادوا من فساد الحكومة. وإن تكرار بعض أسماء العائلات، بما في ذلك عائلة مخلوف، بين الأشخاص المدرجين يوضّح هذه النقطة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشاريع التنموية المستهدفة، مثل مشروع ماروتا سيتي سيئ السمعة، أصبحت ممكنة من خلال مصادرة حكومة الأسد للممتلكات الخاصة للمدنيين وتدميرها. ولم تؤدّ هذه المشاريع إلى سلب المدنيين من حقوقهم في الملكية فحسب، بل تُستخدم لإعادة تشكيل التركيبة السكانية/الديمغرافية للمدن السورية، واستبدال الأحياء المنحازة تاريخياً إلى جانب المعارضة وتحويلها إلى معاقل للأسد، ومن المحتمل أن تمنع عودة عدد لا يحصى من اللاجئين والنازحين.
وإن المصاعب التي يعاني منها السوريون العاديون، بما في ذلك نقص الغذاء والوقود والمساعدات الطبية، هي مصدر قلق متزايد. لكن مزاعم الحكومة السورية بأن العقوبات الغربية هي السبب وراء هذه المشاكل ليست في محلّها. حيث تشمل أنظمة العقوبات استثناءات للمساعدات الإنسانية، وفي حين تقتضي الإجراءات البيروقراطية لتلك الاستثناءات بعض التعديلات، إلا أن الحكومة السورية فاقمت من أوجه النقص من خلال تحويل مسار المساعدات وتقييد وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وحتى تاريخه، كان جميع الأشخاص المدرجين بموجب قانون قيصر مواطنين سوريين، لكن العديد من غير السوريين هم جزء لا يتجزأ من تمويل هذه المشاريع، بما في ذلك مواطنون من الصين وروسيا ولبنان. وإذا كانت حكومة الولايات المتحدة تريد حقاً وقف محاولات إعادة الإعمار الفاخرة، فعليها استخدام قانون قيصر لاستهداف كل من يدعم هذه العملية، بغض النظر عن الجنسية. وفي حين أن العقوبات التي تستهدف هذه المشاريع التنموية ليست بديلاً عن برنامج شامل لاسترداد الملكية كجزء من عملية سلام مستقبلية، فإن إبطاء هذه التطورات أو وقفها يُعدّ خطوة أولى مهمة في معالجة الانتهاكات الأساسية.
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على info@syriaaccountability.org. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.
المصدر: المركز السوري للعدالة والمساءلة