يجسّد الانقطاع الطويل نسبياً في جولات محادثات “أستانة” التفاوضية فكرة تراجع أهمية وقيمة هذا المسار الذي رسمته روسيا. وليس أدلّ على ذلك، من عدم وجود اتفاق بعد، بين الأطراف الثلاثة الضامنة (روسيا، تركيا، إيران)، على موعد عقد الجولة الجديدة من المحادثات المتوقفة منذ نيسان/أبريل 2020.
ما يجري من إهمال، يؤكد أن هذا المسار أدى النتائج التي أرادتها موسكو منه منذ البداية، أي تجاوز مطلب الانتقال السياسي لنظام الحكم، الذي ينص عليه القرار الأممي 2254، والانتقال إلى مناقشة الدستور، من خلال إطلاق عمل اللجنة الدستورية.
وفي آخر التطورات التي تخص هذا المسار، رجحت مصادر روسية أن تُعقد “الجولة 15” من محادثات أستانة في العاصمة الكازاخية نور سلطان، نهاية تشرين الأول/أكتوبر.
لكن عضو “اللجنة الدستورية”، ورئيس وفد المعارضة في محادثات أستانة، أحمد طعمة أكد ل”المدن”، أن موعد الاجتماع المقبل لم يُحدد بعد، مرجحاً أن يكون الاجتماع المُقبل على مستوى زعماء الثلاثي الضامن، من دون أن يؤكد طعمة مسألة حضور الأطراف السورية (المعارضة، النظام)، أو غيابها.
من جهته، قال الباحث في “مركز الحوار السوري” محمد سالم إن جوهر مسار أستانة الذي تزعمته روسيا كان محاولة حرف مسار الحل السياسي من منصة جنيف إلى منصة جديدة تتجاوز الرعاية الأممية، وتُرجح وجهة النظر الروسية ل”الحل” بعيداً عن الانتقال السياسي، من خلال التركيز على “سلة الإصلاح الدستوري”، وفرضها على المسار الأممي من خلال فرض تبني “اللجنة الدستورية”.
وبالتالي، تراجعت أهمية مسار أستانة بعد تحقيق الغاية الروسية منه، من خلال تشكيل “اللجنة الدستورية”، إضافة إلى ظروف كورونا التي أسهمت في تقليل القمم واللقاءات المباشرة.
وحسب سالم، فإن روسيا تحاول الاستفادة من منصة “أستانة” مجدداً، موضحاً لـ”المدن” أنه “مع نشاط الدبلوماسية الروسية في حل الصراع الأذربيجاني، وتداخل الملفات بين الروس والأتراك من ليبيا إلى أذربيجان مروراً بسوريا، يبدو أن روسيا تحاول تحريك هذا المسار”.
وعن وتوقعاته من الجلسة المُقبلة، قال: “لن يتم التوصل إلى نتائج جوهرية، وغالباً ما ستصدر بيانات مكررة تتحدث عن عموميات مثل وحدة الأراضي السورية، لكن الهدف الرمزي للقاءات هو التأكيد على وجود الآلية ذاتها للتفاهم بين الدول الثلاث، مما يعزز محاولات ظهور روسيا كقطب ولاعب أساسي في المنطقة”.
وإلى حين عقد الاجتماع المقبل، لا تستبعد مصادر المعارضة، أن تُصّعد روسيا في إدلب، كما جرت العادة قبل عقد أي جولة جديدة من محادثات “أستانة”، التي بدأت منذ كانون الثاني/يناير 2017، والتي أفضت إلى ما يعرف بمناطق “خفض التصعيد” في شمال غرب سوريا.
المصدر: المدن