فرانس برس
تطرح عودة المعارض الروسي أليكسي نافالني المرتقبة، غداً الأحد، إلى موسكو، وفقاً له، معضلة أمام الكرملين الذي عليه اتخاذ قرار بشأن سجنه فور رجوعه من ألمانيا حيث تلقى علاجاً إثر تسممه المزعوم أو تركه طليقاً.
وبالنسبة للخبراء، على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقاء أهون الشرين، إذ إن ترك المعارض حراً يعرّضه لخطر الظهور بمظهر الضعف، فيما إدانته بالسجن ستجعل من قضيته محط أنظار العالم أجمع.
تقول المحللة السياسية تاتيانا ستانوفايا لـ”فرانس برس” إنه “لا خيار جيداً هنا، لكن ينبغي اتخاذ قرار مع ذلك”. وشكّل إعلان أليكسي نافالني نيته العودة إلى روسيا بعد أشهر من التعافي في ألمانيا مصدر قلق لمنتقديه كما مؤيديه، الذين يخشون على سلامته وحريته.
ومهما كان مصير أبرز معارض روسي، إلا أن عودته تشكل تحدياً بالنسبة لبوتين الذي تراجعت شعبيته في السنوات الأخيرة، وهي تحدث ظروفاً جديدة قبل الانتخابات التشريعية المقررة هذا العام.
توصلت ثلاثة مختبرات أوروبية إلى خلاصة مفادها أن المعارض البالغ من العمر 44 عاماً تعرض للتسميم، فيما كان يقوم بجولة انتخابية في سيبيريا، بمادة “نوفيتشوك” التي جرى تطويرها في حقبة الاتحاد السوفياتي السابق. وأكّدت هذه الخلاصة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، رغم نفي موسكو.
ويشدد نافالني، الذي خرج من الغيبوبة في سبتمبر/أيلول، على أنه كان ضحية محاولة اغتيال من قبل جهاز الأمن الفدرالي الروسي بأمر من فلاديمير بوتين.
“في حالة هلع”
رفضت روسيا فتح تحقيق بما أصاب نافالني في سيبيريا، لكن السلطات الروسية قامت بالمقابل بإطلاق تحقيق جديد ضده في ديسمبر/كانون الأول، لاتهامه بصرف 356 مليون روبل (3,9 ملايين يورو) من الهبات لأغراض شخصية. وأكدت الأجهزة الأمنية الخميس أنها “ملزمة” توقيف المعارض لدى عودته، وذلك لخرقه شروط عقوبة السجن مع وقف التنفيذ في عام 2014 لإدانته باختلاس أموال، وهي تهم رفضها نافالني تماماً ويعتبر أن دوافعها سياسية.
ويلحظ المحلل السياسي أنتون أوريخ أن السلطات الروسية “لا تريد فعلاً أن يعود” نافالني، مضيفاً “إنهم في حالة هلع الآن”. وتعرّض نافالني مراراً لملاحقات قضائية وحكم عليه بالسجن لفترات قصيرة، وهو ناشط في مجال مكافحة الفساد، وكان نظم العديد من التظاهرات التي جرت متابعتها عن كثب، فيما تسببت استراتيجياته الانتخابية بخسارات محرجة عدة للسلطة في استحقاقات محلية. لكنه لم يتلقَ أبداً حكماً طويلاً بالسجن. وكان حكم عليه عام 2013 بالسجن خمس سنوات بتهمة اختلاس أموال، لكن حكمه خفف إلى السجن مع وقف التنفيذ بعد تظاهرات هائلة.
“خطوة قوية”
ترى ستانوفايا أنه، لتفادي سجنه، قد تلجأ السلطات الروسية إلى وسائل تقلّص من نشاطه السياسي، عبر إعلانه على سبيل المثال “عميلاً أجنبياً”، وهو مصطلح مستقى من قانون يمنع الأفراد أو المنظمات من تلقي هبات من دول أخرى. وقد يختار الكرملين طريقةً أكثر استعجالاً مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقرّرة في الخريف.
وتضيف المحللة “أشعر كأن الكرملين تعب من هذه اللعبة. المواجهة مع نافالني متواصلة منذ وقت طويل جداً”. ونافالني نفسه لا يملك أهلية للترشح بسبب الملاحقات القضائية بحقه، كما أنه مستبعد من وسائل الإعلام الكبرى، ولذا فإن شعبيته تتركز في موسكو وبعض المدن الكبرى. كما أن عدداً من حلفائه ممنوعون من الترشح للانتخابات.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز “ليفادا” المستقل، أيدت نسبة 20 في المئة فقط من الروس تحرّك نافالني، في حين رفضه 50 في المئة، أما الباقون فإما لم يسمعوا قط بالمعارض وإما رفضوا الإدلاء بآرائهم.
ويأمل أنصار نافالني أن يمنع التركيز الدولي على قضيته منذ تسميمه السلطات من توقيفه أو سجنه. ودعا هؤلاء الروس إلى التوجه إلى مطار فنوكوفو في موسكو الأحد لاستقباله، واستقطب حدث أنشئ على “فيسبوك” لهذا الغرض نحو ألفي شخص. وبحسب المحلل السياسي سيرغي ميدفيديف، فإن عودة نافالني إلى روسيا “خطوة قوية، مهما حدث”. وأضاف في منشور على فيسبوك “يشكل ذلك استئنافاً للحياة السياسية الروسية التي كانت مشلولة حتى الآن، بل غير موجودة”.
المصدر: العربي الجديد