عدنان أحمد
يشدد النظام السوري وروسيا الضغوط على أبناء محافظة درعا في جنوب البلاد، امتدت من درعا البلد إلى مدينة الصنمين شمالي المحافظة، من خلال المطالبة بتسليم السلاح الخفيف، وسط حشود من النظام باتجاه المحافظة، مع التهديد بإطلاق المليشيات الإيرانية في المنطقة، في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب.
وقال الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” أبو محمود الحوراني، إن روسيا ممثلة بالجنرال أسد الله، والنظام السوري من خلال رئيس اللجنة الأمنية في درعا اللواء حسام لوقا وقائد الفيلق الأول في جيش النظام، هددا لجنة التفاوض المركزية في درعا البلد بجلب المليشيات الإيرانية وتركها تتغلغل في المنطقة، في حال لم يتم تسليم 200 قطعة سلاح فردي في درعا البلد.
وأوضح الحوراني في حديث مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام أغلقت جميع الطرق المؤدية من درعا البلد إلى درعا المحطة، ومنعت أهالي درعا البلد من الدخول لدرعا المحطة، مركز مدينة درعا، من حاجز النعيمة، وحاجز السرايا، وحاجز المشفى الوطني، وحاجز مفرزة المخابرات الجوية في مخيم درعا، ما عدا منفذ حي سجنة.
ونقل موقع “تجمع أحرار حوران” المحلي عن عضو في لجنة درعا المركزية قوله إن معبر حي سجنة المتبقي للخروج من درعا البلد نحو درعا المحطة يخضع لسيطرة الفرقة 15، إضافة لمليشيات محلية تتبع لفرع الأمن العسكري، من بينها مجموعة مصطفى المسالمة الملقبة بـ”الكسم”، ويتمركزون على الحواجز لتمييز أبناء درعا البلد بهدف استفزازهم أو اعتقالهم.
وبالتزامن مع التهديدات الروسية لأهالي درعا البلد، لوحظت تحركات لمليشيات إيرانية في مدينة ازرع وحي سجنة بدرعا، وحضور قيادات من مليشيا كتائب “الرضوان” لمتابعة التحركات الميدانية في المنطقة عن قرب، وهو ما يفسر الضغوط الروسية على الأهالي واللجان المفاوضة.
وتأتي هذه الاستفزازات من قبل نظام الأسد وروسيا انتقاماً من المنطقة بسبب موقفها من الانتخابات الرئاسية التي حصلت في شهر مايو/أيار الفائت، والحراك الشعبي الذي شهدته المنطقة حينها، وفق عضو اللجنة المركزية للمفاوضات.
وأوضح الموقع أن حوالي 11 ألف عائلة تعاني من مضايقات أمنية وحصار في أحياء درعا البلد ومخيم اللاجئين ومخيم النازحين وحي طريق السد والمزارع القريبة من المنطقة.
ولاحظ ناشطون أنه مع مواصلة الحصار والتضييق الأمني على أحياء درعا البلد ومخيمات درعا وحي طريق السد، انخفض نشاط ترويج المخدرات بشكل ملحوظ، إلى جانب توقف عمليات الاغتيال التي لطالما عصفت بشباب المنطقة، وفسروا ذلك بسبب إغلاق المنافذ إليها من قبل حواجز النظام، بعد أن كانت تسهل عبور المسؤولين عن هذه الأنشطة.
وفي سياق متصل، هدّد النظام السوري باقتحام منازل نحو 50 شاباً في مدينة الصنمين شمالي درعا، في حال عدم تسليم سلاحهم الفردي.
وقال ناشطون إن النظام أذاع أمس الأربعاء عبر مكبرات الصوت في مساجد مدينة الصنمين، أنه سيقتحم المنازل ويعتقل الشباب إذا لم يسلموا سلاحهم حتى السبت المقبل.
وقال الناشط محمد الشلبي لـ”العربي الجديد”، إن هذه الخطوة تقررت قبل أيام، خلال اجتماعٍ للفرقة التاسعة مع ضباط للنظام، بينهم رئيس اللجنة الأمنية في درعا اللواء حسام لوقا والعميد لؤي العلي، وقائد الفيلق الأول، إضافة إلى ضباط آخرين من الأجهزة الأمنية، ووجهاء وقياديين محليين سابقين.
وأوضح الشلبي أن الشبان الذين يطالبهم النظام بتسليم أسلحتهم هم من أبناء المدينة، يحملون بطاقات تسوية ومصالحة، وكانوا قبل العام 2018 ضمن فصائل محلية، ثم خضعوا لاتفاقية التسوية والمصالحة، حيث يزعم النظام أنه بصدد إجراء تسويات جديدة لهم، وصولاً للمصالحة النهائية في مدينة الصنمين.
وكانت مدينة الصنمين تعرضت في شهر مارس/آذار 2020، لاقتحام من جانب قوات النظام العسكرية والأمنية، بهدف القضاء على عناصر فصائل محلية خاضعة للتسوية، وانتهى ذلك بالوصول لاتفاقية تسوية جديدة، وتهجير عدد من أبناء المدينة باتجاه الشمال السوري.
في غضون ذلك، علم “العربي الجديد” من مصدر خاص أن اللجنة الأمنية في محافظة إدلب التي يقودها اللواء إبراهيم خليفة، أمرت بإرسال حوالي 200 عنصر من إدلب إلى محافظة درعا، بهدف مساندة قوات النظام هناك، وهو ما يؤشر إلى أن النظام ربما يحضّر لعملية عسكرية في درعا، أو على الأقل زيادة الضغوط العسكرية على المحافظة.
وسيطر النظام على محافظة درعا، بعد فرض ما سمّي باتفاق التسوية في يوليو/تموز 2018 الذي قضى بتهجير الرافضين للاتفاق إلى الشمال السوري، وبقي آخرون بشروط عدة منها الإبقاء على السلاح الفردي بمناطق مختلفة، وإطلاق سراح المعتقلين وتخفيف القبضة الأمنية بضمانة روسية، وهي تعهدات أخل بها النظام وروسيا، فيما سادت المحافظة فوضى أمنية وعمليات اغتيال.
ارتفاع معدلات الاعتقال
إلى ذلك، شهد شهر يونيو/حزيران المنصرم ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات الاعتقال بحق أبناء محافظة درعا، مقارنة بالشهر الذي سبقه، في حين تستمر عمليات الاغتيال والاختطاف.
وجاء في تقرير صدر اليوم الخميس عن مكتب توثيق الانتهاكات في “تجمع أحرار حوران” أن الشهر المذكور شهد 54 حالة اعتقال، بينهم يافع، على يد قوات النظام السوري، أُفرج عن 19 منهم، فيما سجل المكتب حالة اعتقال واحدة من قبل عناصر اللواء الثامن المدعوم من قبل روسيا.
وأوضح المحامي عاصم الزعبي، مدير مكتب توثيق الانتهاكات، أن أعداد المعتقلين في محافظة درعا هي في الواقع أكبر من الرقم الموثق لدى المكتب، نظراً لامتناع العديد من أهالي المعتقلين عن الإدلاء بمعلومات عن أبنائهم بسبب مخاوف أمنية. وسجل المكتب حالتي اختطاف خلال شهر يونيو/حزيران في محافظة درعا، أفرج عنهما خلال الشهر ذاته، بعد أن دفع ذووهما فدية مالية، حيث دفع ذوو أحدهما 100 ألف دولار للجهة الخاطفة، بينما دفع ذوو الآخر مبلغ 12 مليون ليرة سورية.
كما وثق المكتب الإفراج عن شخصين اثنين اختُطفا خلال شهر مايو الفائت، أحدهما شابة، بعد أن دفع ذووهما فدية مالية للجهة الخاطفة.
وسجل المكتب ثلاث عمليات مداهمة لمنازل مدنيين، من جانب الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
وبحسب توثيق المكتب، فإن معظم عمليات الاعتقال تجري من خلال الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري، سواء داخل المحافظة أم خارجها، إذ تواصل قوات النظام تعزيز الحواجز بالآليات الثقيلة وترفع السواتر الترابية.
وسجل المكتب أيضاً مقتل 25 شخصاً بينهم يافع في محافظة درعا، وثلاثة أشخاص قتلوا تحت التعذيب في مراكز احتجاز تابعة للنظام اعتقلوا عام 2013 في مدينة بصرى الشام، وهم عبارة عن رجل وولديه الاثنين.
وسجل المكتب مقتل 3 من قوات النظام في محافظة درعا، وهم ضابط صف ومجند من عناصر الأمن السياسي، وذلك خلال تفجير عبوة ناسفة بسيارة عسكرية، ومجند من عناصر الفرقة 15 خلال محاولته تفكيك عبوة ناسفة مزروعة بسيارة لأمين شعبة في حزب البعث.
ووثق المكتب 23 عملية ومحاولة اغتيال أسفرت عن مقتل 18 شخصاً وإصابة 11 بجروح، ونجاة 2 من محاولات الاغتيال. وأوضح أن 5 مدنيين قضوا جراء عمليات الاغتيال، إضافة إلى قيادي و11 عنصراً سابقاً في فصائل المعارضة.
المصدر: العربي الجديد