عدنان عبد الرزاق
شاعت بعض الآمال بترميم حياة الفلسطينيين بسورية وتحسين وضعهم المعيشي، بعد أن أعلن أخيراً، السفير الفلسطيني بدمشق، سمير الرفاعي، عن برنامج مساعدات لخمسة آلاف عائلة، كانوا يقطنون مخيمات “اليرموك وحندرات والسبينة”.
هذه الخطوة حرّكت هذا الملف المسكوت عنه، بعد أن دفع فلسطينيو سورية المقدر عددهم قبل الثورة عام 2011، بنحو 600 ألف لاجئ، الثمن الأكبر بفاتورة حرب لم تنته بعد، إثر تهديم منازلهم ووضع اليد على الممتلكات الخاصة، ما حوّل 90% منهم إلى فقراء ينتظرون المساعدات الشهرية من “الأونروا”، حسب المنسق العام لتجمع “مصير” الفلسطيني السوري، أيمن أبو هاشم.
ويقول أبو هاشم لـ”العربي الجديد” إن عدد الفلسطينيين في سورية قبل الثورة، كان نحو 600 ألف، موزعين على محافظات سورية و13 مخيماً، وطاولتهم مظالم النظام واللامبالاة الدولية، مثل السوريين وأكثر، ما دفع نحو 200 ألف لاجئ منهم للهجرة خارج سورية، ليبقى نحو 400 ألف يعانون جميع أشكال التفقير والتشرّد حتى اليوم.
ويشير المنسق العام لتجمع “مصير” إلى أن الفلسطينيين، وبعد العديد من القرارات، منذ توفير الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين في سورية عام 1947 وحتى القانون 260 لعام 1956، كونوا رساميل وأسسوا شركات وساهموا بالعديد من القطاعات الاقتصادية.
لكنه منذ بداية الثورة عام 2011، عندما فشل نظام بشار الأسد في تحويل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وأكبرها مخيم اليرموك كجبهات وثكنات يستخدمها لقمع الأحياء السورية المجاورة لتلك المخيمات، قام بشن حرب شعواء على المخيمات، ما زاد من تدمير ممتلكاتهم وسرقة موجوداتها، حسب أبو هاشم.
ويضيف أن تلك السياسات التي ساهمت بها بعض المليشيات الفلسطينية، حولت أكثر من 90% من اللاجئين الفلسطينيين لفقراء يعيشون على المساعدات التي تقدمها الأونروا رغم أنها لا تسد الحد الأدنى من متطلباتهم الحياتية، وأصبح أكثر من 75 % من المتبقين منهم داخل سورية نازحين.
وحول المساعدات التي أعلن عنها السفير الفلسطيني في سورية، يبيّن منسق تجمع “مصير”، أنه من المؤسف أن هذه المساعدات التي يتحدث عنها سفير السلطة في دمشق، جاءت متأخرة جداً، وهي تطاول شريحة محدودة من فلسطينيي سورية، قياسا بالأعداد الكبيرة التي انزلقت إلى ما دون خط الفقر.
والمدعو للاستغراب ادعاء سفير السلطة أن هذه المساعدات تستهدف تأهيل بيوت بعض العائلات، مع أن السلطة تعلم، من يعيق ويمانع عودة أهالي المخيمات إلى بيوتهم، حسب أبو هاشم.
وكان السفير الفلسطيني في سورية، سمير الرفاعي، قد أشار إلى أن أوضاع الفلسطينيين في سورية كأوضاع السوريين “فالشعب يواجه صعوبات حياتية كبيرة، والأوضاع ليست سهلة”، واعداً بأن السلطة الفلسطينية بصدد تقديم مساعدات مالية إلى 5 آلاف عائلة فلسطينية في سورية كمرحلة أولى من برنامج للمساعدات سيمتد لمراحل أخرى.
ويستغرب عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، فايز أبو عيد، من التخلي عن فلسطينيي سورية، إذ يعيش مئات الآلاف من اللاجئين في سورية حسب الأونروا ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية.
وما يتعلق بإمكانية عودة المهجرين، خاصة بمخيم اليرموك بدمشق، إلى منازلهم، يقول أبو عيد لـ”العربي الجديد”: أصدر مجلس الوزراء السوري قراراً يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 يقضي بأن تصبح منطقة اليرموك تابعة لمحافظة دمشق تنظيمياً، بدلاً من تبعيتها للجنة المحلية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
وانتقل بذلك إلى المحافظة كل ما للبلدية وما عليها من حقوق والتزامات، الأمر الذي شكل مؤشراً خطيراً على إلغاء ما كان يتمتع به المخيم من خصوصية كمنطقة جغرافية، حسب أبو عيد.
ويضيف المتحدث، أنه بعد ضغوط شعبية ورسمية فلسطينية، أصدرت محافظة دمشق قراراً يقضي بالتريث بتنفيذ المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك، وحددت ثلاثة شروط لعودة سكانه، وهي التي أشار لها السفير الفلسطيني.
وحول دور المساعدة التي أعلن عنها السفير بعودة اللاجئين وتحسين معيشة فلسطينيي سورية، يقول عضو مجموعة العمل أبو عيد: لم يعلن حتى اللحظة عن مقدار المساعدة المالية التي ستقدمها السلطة الفلسطينية للعائلات الفلسطينية في سورية، لكن بناء على الاطلاع ومعايشة ظروف الفلسطينيين، لا أتوقع أن تغيّر من واقعهم وربما تساهم بسداد بعض الاحتياجات الأساسية.
ومن جانبه، يقول الباحث الفلسطيني، محمد زغموت، لـ”العربي الجديد” إن الفلسطينيين في سورية، لا يتلقون أي معونات خاصة من نظام الأسد، لكنهم يعاملون معاملة المواطن السوري في التعاملات الخاصة بالخدمات التي توزع عبر البطاقة الذكية.
لكن، يستدرك زغموت أن السلطة الفلسطينية، تنظم عبر سفارتها وتنظيم حركة فتح في المخيمات حملات مساعدات للفلسطينيين في سورية على فترات، لكنها شحيحة وغير كافية.
المصدر: العربي الجديد