تم مؤخرًا استهداف السوق الشعبي في أريحا بغارتين جويتين، أدتا إلى وقوع شهداء مدنيين، والعديد من الجرحى، ويبدو أن هناك حالة استهداف لسوق أريحا لأكثر من عشر مرات على الأقل، منذ سنوات، وأيضًا هناك استهدافات أخرى للكثير من الأسواق الشعبية في غير مكان من ادلب وسورية. يقول مراقبون أن ذلك يجري بتخطيط ممنهج، وليس عفو الخاطر، أو بالصدفة، ويعمل النظام السوري، وكذلك الإيرانيون والروس على استهداف مقصود للأسواق الشعبية، لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين، توطئة لدفع الناس إلى التهجير القسري، وإفراغ هذه البلدات والمدن من أهلها، في جو سياسي إقليمي ودولي غير مكترث لكل ذلك، وكأن الأمر لا يعنيهم مطلقًا. حول ذلك سألت جيرون بعض الباحثين والكتاب عن رأيهم لماذا السوق الشعبي دائماً؟؟ ولماذا يقصف السوق الشعبي في أريحا باستمرار؟ بل وكل أماكن تجمع الناس المدنيين؟ وما دلالة استهداف العصابات الأسدية الإيرانية للأسواق؟
الباحثة السورية سارة المير ترى أن ” قصف تجمعات المدنيين سواء الأسواق أو المدارس أو الحارات السكنية، لها مدلول واحد هو الحقد على سكان المناطق التي خرجت من سيطرة الأسد، حيث لا يمكن للنظام أن يسمح باستقرار للناس خارج مزرعته، والأمر الآخر هو جعل ثمن الخروج عن سيطرته باهظ جدًا، وقد يصل لحد لا يمكن الاستمرار بدفعه، مثل ما حصل بالغوطة حيث استسلم أخيرًا المدنيين ووافقوا على ترك أراضيهم للحفاظ على حياتهم”.
أما الباحث الدكتور مروان الخطيب فيشير إلى أن ” عصابات النظام تحاول منذ بداية الثورة تجريد الثوار من الحاضنة الشعبية، التي بدورها هي المنبع الأساس لوقود الثورة والشريان الذي يمد الثوار بإمكانيات الاستمرارية، إن مبدأ معاقبة هذه الحاضنة الشعبية من خلال القصف بالبراميل، وبمختلف الأسلحة الفتاكة يهدف لمعاقبتها على موقفها الحاضن للثورة، ومحاولة إيجاد شرخ بين هذه الحاضنة والثوار، ويتابع ذلك بالعديد من الممارسات مثل الحصار والتجويع”. وهو يرى أيضًا أن ” عملية استهداف هذه الأسواق الشعبية يهدف كذلك إلى خنق سبل العيش للعديد من العائلات الفلاحية البسيطة، التي تعتمد مثل هذه الأسواق الشعبية كمنفذ لتسويق منتجاتها، ومجالًا لمحاولة كسب مصدر رزق، وبوابة لتحريك السوق الاقتصادية في المناطق المحررة.”
بينما يرى الكاتب الدكتور معتز زين المسألة بتعليل آخر قائلًا ” لقد استخدم المجرمون الروس والايرانيون وأذنابهم الأسديون كافة الوسائل لإجهاض الثورة السورية، وكسر إرادة السوريين في التحرر من حكم العصابة الأسدية، واعتقدوا أن تفوقهم الشديد في امتلاك آلة التدمير ستجبر السوريين على الإذعان لأوامرهم سريعًا، ولما فشلوا في كسر إرادة الثوار الأبطال تحت ضغط القصف الهمجي، كان خيارهم قتل الحياة في مناطق سيطرة الثوار “. ويتابع زين بقوله ” إن استهداف الأسواق هو محاولة لسرقة لقمة العيش من أفواه الناس وقتل إرادة الحياة في نفوسهم، لكنهم لم ينجحوا، فأمس وبعد قصف سوق أريحا بساعتين فقط، فتح الناس حوانيتهم وعادوا لترميم جدران دكاكينهم في تحد واضح لطائرات الغدر والنذالة”.
الباحث الدكتور تغلب الرحبي قال لجيرون ” عندما نتحدث عن غارات جوية فإننا نشير إلى المسؤولية الروسية أولًا عن هذا الإجرام المستمر. لقد وزعت روسيا الأدوار بحيث يكون لها الهيمنة الجوية بأسلحة الإبادة والدمار الشامل وسياسة الأرض المحروقة، بينما تقوم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران بالتقدم على والدخول بين الأنقاض لاحتلال الأرض، ويقتصر دور الميليشيات الأسدية على الاعتقالات والتعفيش”. وأضاف الرحبي ” كانت سياسة استهداف التجمعات البشرية هي سياسة النظام الأسدي منذ بداية الثورة، من استهداف المظاهرات ومواكب تشييع الشهداء، إلى قصف مراكز التجمع عند الأفران والمساجد في صلاة الجمعة أو استهداف المستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية، أو حتى قصف نفس الأهداف المدنية بعد دقائق لقتل الجرحى والناجين والمسعفين. لقد مارست القوات المسلحة الروسية والميليشيات التابعة لإيران والعصابة الأسدية كل صنوف الإبادة بحق الشعب السوري الأعزل، لتنفيذ مخطط التغيير الديمغرافي بالإبادة والتهجير وهي أكبر جريمة ضد الإنسانية تحدث بعد الحرب العالمية الثانية “.
الكاتب السوري الدكتور حسين عتوم تحدث لجيرون بقوله ” بات واضحًا أن الإبادة المستمرة في سورية ما كانت لتستمر لولا التوافق الدولي على وأد الشعب السوري وثورته لحماية المشروع الصهيوني؛ توافق يشمل الأمم المتحدة التي تزوّد الطائرات الروسية بإحداثيات استراتيجية وحيوية في مناطق الثوار لقصفها، و مجلس الأمن الذي دخل بمجمله في سلسلة حلقات هزلية تعطي للنظام الوحشي الضوء الأخضر للإبادة دون اتّخاذ قرار واحد ملزم بوقف المذابح” واعتبر عتوم أن ” إطلاق يد نظام الملالي ثم إطلاق يد روسيا المأجورة لتفجير براكين الأحقاد الملتهبة فوق رؤوس أهل السنة في سورية، دونما حساب ولا عقاب، وما أخشاه أن تكون بعض تلك الإبادات والمجازر جزاءً و نكالًا بما اقترفناه بحق أنفسنا : أولًا بحق المجاهدين الصادقين الذين
تنهمر عليهم سهام مسمومة لا تحصى ليل نهار، من قبل شيوخ وأعلام ومفكرين وأقلام لا تفتر تحرّض على قتالهم ثانيًا، ما نحن فيه من تفرق وتشرذم وتصادم، لا الثورة جمعتنا ولا
القادة ولا رجال الفكر والدعوة ثالثًا التبعية التي جمدت الجبهات حيث يجب أن تشتعل وتشتت جموع الأعداء على افتراس الجبهات الاستراتيجية المهمة”.
المصدر: جيرون