أحمد مظهر سعدو
تنطلق اليوم ٢٢ آذار/مارس ٢٠٢٢حملة وطنية سورية من خلال بعض النشطاء السوريين والعديد من التجمعات والملتقيات السورية المناهضة لنظام القمع والاستبداد الأسدي. من أجل المعتقلين السوريين، وتحت شعار وهاشتاغ (المعتقلون _ ضمير_ الشعب). في سياق تحريك المياه الراكدة وإعادة تفعيل الحراك الوطني، لتكون قضية المعتقلين السوريين في الواجهة من جديد..وهي خطوات سبقتها خطوات أخرى، وسوف تستمر هي ومابعدها من تحركات وخطوات لما لهذه القضية من أهمية كبرى لدى كل فئات الشعب السوري المكلوم والمحجوز على أبنائه عنوة في أقبية الظلام الأسدية منذ أحد عشر عامًا مضت، أي منذ بدايات ثورة الحرية والكرامة.
ولأن هذه المسألة ذات أهمية وحساسية كبيرة. وتشكل همًا سوريًا مقلقًا لراحة السوريين، فإن تسليط الضوء عليها اليوم يعتبر مهمة وطنية بامتياز، خاصة أمام تقصير معظم أطراف المعارضة الذين يتهافتون نحو اللجنة الدستورية تارة، وأستانا البائسة تارة أخرى، ويصمتون عن قضية ماينوف عن ٩٠٠ ألف معتقل، حيث وصل عديد المعتقلين السوريين في سجون النظام منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن . ماهو أكثر من ذلك حسب احصاءات حقوقية عالمية.
وباعتبار أن هذه القضية تكتسب هذه الدرجة المتقدمة من الأهمية فإنه كان لابد من عدم الاكتفاء بحملات شعبية أو إقليمية لإطلاق سراحهم. بل التواصل بين الفاعلين ومنظمات حقوق الإنسان للتفاهم حول ماهية التحرك الممكن والمتاح لإنجاز عمل يؤدي إلى إطلاق سراح المعتقلين.
وتأسيسًا على ذلك يترتب على جميع قوى المعارضة السياسية والعسكرية اجتراح الأفكار والحلول من أجل إعادة إنتاج حل جدي يخرج المعتقلين من غياهب الجب. ويعيدهم إلى ذويهم الذين مازالوا ينتظرونهم بفارغ الصبر. وهم على حق عندما يحملون المعارضة بكل أطيافها مسؤولية التقصير عن أداء هذه المهمة، التي لايبدو أن التعاطي معها كان في مستوى عمقها وفداحتها. حيث لايجب أن يعلو أي موضوع اليوم أو ملف عن هذا الملف الذي أصبح قضية كبرى. صحيح انها حسب القوانين العالمية هي مسألة إنسانية وفوق تفاوضية، لكنها تتبوأ المكان الأهم والأولوية الأساسية لحجمها وقوة ألمها على المعتقل وذويه في الآن نفسه.
نعود للقول إن قضية المعتقلين قد تجاوزت كونها مجرد ملف من الملفات، وأن المطلوب هذه المرة لتحريكها أكثر ومن أجل إنتاج ماهو مختلف عن كل السياسات الماضية التي تم التعامل معها كان لابد من:
_ العمل الجدي والعلمي على توثيق كل المعتقلين والمغيبين ووضغ قوائم ذات مصداقية علمية إحصائية تعتمد على المعايير الدولية الحقوقية في هذا المنحى.
_عقد لقاء جامع بين كل أطياف المعارضة بكل تلاوين الطيف وكل المنصات، يكون على أجندتها ملف أوقضية المعتقلين السوريين فقط، يتم في اللقاء العمل على توحيد السياسات والمناهج المتبعة في هذه المسألة، ومن ثم الخروج بآليات عملانية، وليست نظرية، توصلنا إلى مآلات ملموسة وأكثر جدية.
_التواصل مع كل المنظمات الحقوقية المعنية بالمعتقلين وحقوق الإنسان على مستوى العالم، وإظهار مدى خطورة وجريمة الصمت على قضية بحجم هذه القضية، وبيان مدى فداحة المقتلة التي يتعرض لها المعتقل السوري في كل المعتقلات المعروفة وغير المعروفة.
_ الضغط على أهل (أستانا) وامتناع المعارضة السورية عن حضور اجتماعات قادمة لأستانا دون الكشف عن مصير المعتقلين والعمل التدريجي على إطلاق سراحهم كبادرة حسن نية من قبل نظام الإجرام الأسدي ومن يدعمه من فرس وروس.
_ فضح كل ممارسات العسف والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان التي يتعرض لها المعتقل السوري سواء كان إمرأة أو رجلا أم طفلاً.
_العمل على دفع النظام السوري كي يخرج الأطفال دون سن ال 18 من معتقلات وسجون الكبار، وإحالته إلى معاهد الأحداث الجانحين في المدن الكبرى حسب أعمارهم، وحسب قانون الأحداث الجانحين المعمول به في سورية.
_ منع أي عملية تبادل بين النظام وبعض الفصائل على مستوى فردي وغير عادل، وحصر هذه المسألة في جهة بعينها كأن تكون (هيئة التفاوض) وليس سواها، وتوحيد ذلك دون القبول بأي عملية اختراق لهذه المسألة.
_ الضغط من خلال اجتماعات اللجنة الدستورية، من أجل إنجاز القضية فوق التفاوضية وهي قضية المعتقلين، والامتناع عن حضور أي اجتماع للجنة الدستورية من قبل المعارضة إلا إذا تمت معالجة قضية المعتقلين والتعاطي معها جديًا.
وعمومًا إذا ما أُعطيت الأهمية المطلوبة في قضية المعتقلين، وكانت الشغل الشاغل لكل منصات وهيئات المعارضة فإنه يمكن تحقيق الكثير في هذا المنحى، خاصة إذا ما مورس الضغط المطلوب على أصدقاء الشعب السوري، والدول التي مازالت تتنطح لهذه المهمة، لتكون الوسيط العادل في ذلك.
وقد تكون دولاً كتركيا وقطر والسعودية هي الدول الأقدر على لعب هذا الدور، وهي بكل تأكيد وفيما لو وجدت اهتمامًا بمسألة المعتقلين فإنها سوف تتحرك أكثر في هذا المنحى، وتُخرج مسألة المعتقلين السوريين من عنق الزجاجة. وهي بذلك تكون قد انجزت الكثير وحققت ماهو مفيد في مسارات مازالت متوقفة، وهي مسارات إنسانية بحتة، يمكن أن تلقى تجاوبًا عالميًا عند الكثير من دول العالم.
المصدر: موقع نداء بوست