سقط عدد من الجرحى في صفوف القوات التركية ليل الأحد، بقصف صاروخي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضد قاعدة تركية شمالي حلب، في مشهد بات يأخذ طابعاً دورياً في حجم الاستهداف وآثاره، ويطرح أسئلة حول طبيعة الزخم السياسي والعسكري الذي حصلت عليه قسد، خصوصاً مع قمتين متعاقبتين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأولى في طهران والثانية في سوتشي ، روسيا.
وقال مصدر ميداني ل “المدن”، إن المواقع المشتركة لقوات النظام وقسد في تل رفعت شمالي حلب، قصفت بنحو 30 قذيفة القاعدة التركية في كلجبرين، ما أدى إلى سقوط 6 جرحى من الجيش التركي. ويأتي ذلك بعد حوالي 48 ساعة على جرح 4 جنود آخرين في قاعدة بلدة أناب، بقصف صاروخي لقسد أيضاً.
التصعيد بدأ بعد قمة طهران
وكان اللافت أنه بعد قمة طهران الثلاثية بين زعماء الدول الضامنة لمسار أستانة روسيا تركيا وإيران نهاية تموز/يوليو، أخذ التصعيد العسكري من قبل قسد طابعاً تصاعدياً على صعيد محاولات التسلل والتقدم نحو مناطق الجيش الوطني المعارض المدعوم من قبل تركيا.
وسرعان ما تحولت عمليات تسلل قسد إلى قذائف صاروخية تطاول بعنف وكثافة قواعد الجيش التركي، موقعة جرحى وقتلى في صفوفهم. ثم زادت من وتيرتها باستهدافين متتالين بفاصل زمني بسيط، بعد قمة سوتشي التي جمعت قبل نحو يومين الرئيسين التركي أردوغان والروسي فلاديمير بوتين.
وعزا المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الله الأسعد تصعيد قسد إلى الزخم السياسي والعسكري الذي حظيت به قسد بعد القمتين المتتالين لأردوغان في طهران وسوتشي، واللذين تمخض عنهما رفض العملية العسكرية التركية تجاه مناطقها.
ورأى الأسعد في حديث ل”المدن”، أن قسد باتت تملك هوامش كبيرة ناتجة عن دعم سياسي مشترك أميركي-روسي-إيراني، الأمر الذي دفع بها إلى الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم على الجيش التركي واستهداف قواعده، عدا عن تعزيز مواقعها عسكرياً بالاشتراك مع جيش النظام السوري.
وقال الأسعد إن القمة الثلاثية وما حصل من قصف روسي لمناطق في جسر الشغور عقبها مباشرة، “كانت بمثابة ضوء أخضر روسي للتصعيد ضد الجيش التركي والتعدي على مواقعه، وهو تماماً ما أعطاها فائضاً في تصورها لحجمها، ساق نهاية إلى التصعيد”.
إيران تقف خلف التصعيد
تصعيد قسد لم يكن لافتاً فقط لناحية توقيته بالنظر إلى التجييش الإعلامي الناتج عن رفض الدول الفاعلة في سوريا للعملية التركية ضدها، بل كان بأسلوبه أيضاً، إذ استهدفت بطائرة مسيّرة انتحارية إيرانية الصنع أحد مواقع الجيش التركي بالقرب من مشفى إعزاز الوطني شمالي حلب.
وقال مصدر من الجيش الوطني ل”المدن”، إن التصعيد إيراني أولاً، وبدرجة أقل روسي، موضحاً أن التصعيد مستمر منذ فترة، لكنه اكتسب أهمية بعد القمة الثنائية بين بوتين وأردوغان.
وأضاف أن “إيران تحاول استخدام كافة أذرعها العسكرية التي تأتمر بأمر الحرس الثوري داخل قسد، ونحن نعلم ذلك جيداً، والهدف من ذلك هو منع العملية التركية ضد تل رفعت تحديداً بسبب ما تشكله من خطر على مواقع الميلشيات الشيعية في نبل والزهراء، إضافة إلى استخدام كافة أوراقها بالتفاوض حول الملف النووي”.
وفيما إذا كانت الجاهزية للعسكرية للجيش الوطني قد تراجعت خلال المدة الزمنية التي أعقبت القمتين ونتائجهما، قال المصدر: “لم يتغير شيء لدينا، نحن جاهزون للمعركة، عندما يحين القوت سيعلم الجميع ذلك”، موضحاُ أنهم لا يفرقون بين قسد والنظام.
المصدر: المدن