أمين العاصي
وسّعت إسرائيل دائرة عمليات استهداف ما يُعتقد أنها أهداف إيرانية في سورية، وقصفت هذه المرة مطار حلب ومحيطه، في العمق السوري، في تطور يؤكد حصول تل أبيب على ضوء أخضر من موسكو لتقويض الدور الإيراني في سورية، والذي يعتبره الإسرائيليون تهديداً لأمنهم.
ونقلت وكالة أنباء النظام “سانا” عن مصدر عسكري، قوله إن قصفاً إسرائيلياً استهدف مطار حلب الدولي في تمام الساعة الثامنة من مساء أول من أمس الأربعاء، عبر ضربات صاروخية أدت إلى أضرار مادية بالمطار.
ينما ذكرت مصادر محلية في مدينة حلب، أن أربعة صواريخ بعيدة المدى استهدفت مصنع 419 الملاصق لمطار حلب الدولي، كما طاول القصف مطار النيرب الذي يستخدم لأغراض عسكرية ويقع بمحيط مطار حلب المدني.
وأشارت المصادر إلى أن المطار، توجد به مليشيات تتبع “الحرس الثوري الإيراني”، موضحةً أن الفترة الأخيرة شهدت نشاطاً واضحاً لهذه المليشيات.
قصف إسرائيلي جنوب دمشق
وبعد نصف ساعة من القصف على محيط مدينة حلب الجنوبي الشرقي، قصفت إسرائيل مقرات للفرقة الأولى التابعة لقوات النظام بمنطقة الكسوة جنوب غربي العاصمة السورية دمشق، حيث تشير المعطيات والقصف الإسرائيلي المتكرر على مقرات هذه الفرقة، إلى أنها باتت قاعدة متقدمة للإيرانيين في جنوب العاصمة السورية.
وذكر موقع “صوت العاصمة” الذي ينقل أنباء دمشق وريفها، أن الصواريخ الإسرائيلية استهدفت، مساء الأربعاء، ثلاث نقاط عسكرية تابعة للمليشيات الإيرانية داخل الفرقة الأولى، بالقرب من مقر قيادة الفرقة، ونقطتين عسكريتين على أطراف اللواء 65 قرب جبل المانع.
وذكر الموقع ذاته، أن الاستهداف الجوي تزامن مع إطلاق كثيف للدفاعات الجوية، من مواقع عسكرية عدة غربي دمشق، بما فيها جبل المانع وجبل “سلح الطير”، المجاور للفرقة الأولى.
خسائر للإيرانيين بقصف محيط مطار حلب
في السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مدرج مطار حلب الدولي لم يتضرر بغارات مساء الأربعاء، مشيراً إلى أن الخسائر كانت ضمن المستودعات التابعة للإيرانيين بمحيط المطار.
ولفت إلى أن القوات الروسية الموجودة داخل مطار حلب الدولي “كانت على علم مسبق بالغارات الإسرائيلية، حيث لوحظ استنفارها قبل 10 دقائق من الغارات”.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مطار حلب الدولي، وقعت قبيل هبوط طائرة تتبع لـ”مهان إير” الإيرانية في المطار. وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل محيط مدينة حلب، فقد أغارت في مارس/آذار من العام 2019، على مستودعات أسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني في مناطق معمل الإسمنت وقرب مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري، إضافة لمناطق الشيخ نجار والعزيزية بريف حلب.
كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية معامل الدفاع القريبة من مطار “النيرب” العسكري، ومطار حلب الدولي في منطقة السفيرة جنوب شرقي حلب، في عام 2016، وكذلك أكثر من مرة في عام 2020.
وكان الجانب الإيراني يعتمد على مطار دمشق الدولي في نقل الأسلحة والذخائر إلى سورية، غير أن هذا المطار تعرض للقصف من الجانب الإسرائيلي في يونيو/حزيران الفائت، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة لفترة طويلة.
تنسيق إسرائيلي روسي في سورية؟
في السياق، أشار العقيد الطيار مصطفى البكور (منشق عن سلاح الطيران التابع للنظام السوري)، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن حلب ومحيطها “يشهدان انتشاراً واسعاً من قبل المليشيات الإيرانية، لذا أصبح مطار حلب الدولي أساسياً في نقل الأسلحة والذخائر لهذه المليشيات”، مضيفاً أن “مطار حلب نقطة تجمع ومقر قيادة لمليشيات الحرس الثوري الإيراني”.
ورأى البكور أن “تدمير الأسلحة والذخائر لهذه المليشيات من قبل الطيران الإسرائيلي يسهم في إضعافها”، مشيراً إلى أن الغارات المتلاحقة ضد الأهداف الإيرانية في سورية “تؤكد أن هناك تنسيقا عالي المستوى بين الجانبين الروسي والإسرائيلي”.
وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن وزارة الدفاع الروسية فككت الشهر الماضي نظام الدفاع الجوي المتطور “أس-300” الموجود في شمال غرب سورية ونقلته إلى روسيا، في خطوة يُعتقد أنها جاءت من أجل تعزيز دفاعاتها الجوية، التي ورد أنها تضررت جراء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي.
وكانت موسكو قدمت هذا النظام الدفاعي المتطور مجاناً في عام 2018 للنظام السوري، في أعقاب إسقاط طائرة روسية من قبل قواته بالخطأ، عندما كانت ترد على غارة إسرائيلية فوق المجال الجوي السوري. غير أن هذا النظام لم يُفعّل للتصدي للغارات الإسرائيلية.
وتؤكد الغارات الجوية على محيط مدينة حلب مساء الأربعاء أن التنسيق العسكري والأمني بين موسكو وتل أبيب لم يتأثر نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، بل يبدو أنه يتعزز أكثر.
من جهته، رأى النقيب المنشق عن قوات النظام، الباحث في “المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام” رشيد حوراني، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “تل أبيب تستثمر في الموقف الدولي الذي يهدف إلى عزل الجانب الإيراني”.
وتابع أن “الضربات الإسرائيلية جاءت بعد غارات من قبل الولايات المتحدة ضد المليشيات الإيرانية في شرقي سورية أخيراً، وهو ما دفع تل أبيب لتوسيع دائرة الاستهداف ضد الوجود الإيراني في سورية”.
بيد أن حوراني، قلل من أهمية الغارات الإسرائيلية التي تطاول أهدافاً إيرانية في العديد من المناطق السورية، معرباً عن اعتقاده بأن هذه الضربات “غير كافية لتحجيم النفوذ الإيراني في سورية”.
وتابع بالقول “الحرس الثوري الإيراني يتبع سياسة الإخفاء والتمويه، تارة تحت غطاء قوات النظام، وتارة أخرى عبر مقرات وهمية لمستودعاته ومقرات المليشيات الطائفية التي تتبع له”.
المصدر: العربي الجديد