تم في السنة الفائتة إطلاق ملتقى العروبيين السوريين في جلسته الأولى في ألمانيا/ كولن، وكان مؤتمرًا ناجحًا بكل المقاييس، مما شجع المتداعين لعقده إلى التفكير بإطلاق جلسته الثانية هذا العام في تركيا. حيث التواجد السوري الأكثر في بلاد اللجوء. ويبدو أن هناك الكثير من المحددات التي دعت هذا النفر الكبير من السوريين العروبيين إلى عقد مثل هذا اللقاء، تأسيسًا على أن العروبيين الثورين، والمنتمين لثورتهم ثورة الحرية والكرامة، لابد من أن يلتقوا ويبادروا لتوضيح مواقف العروبيين الحقيقيين، الذين يرفضون كل مواقف بعض مدعي العروبة، الذين يتمسحون بالنظام المجرم ومعه إيران، بينما الشعب السوري، يُقتل بالقنابل الفوسفورية، والبراميل، والكيماوي والكلور والسارين.
جيرون توجهت إلى شخصيات أساسية في ملتقى العروبيين السوريين وسألتهم عن الأسباب التي دعتهم لإطلاق هذا الملتقى؟ وماذا يريدون من ورائه؟ وما هي مواقف ملتقى العروبيين السوريين من عروبيي الوطن العربي البائسة، الذين يتلطون على أبواب الإيرانيين والنظام الفاشي في سورية؟ وكذلك عن موقفهم الحقيقي من ثورة الشعب السوري ثورة الحرية والكرامة؟ ومتى سيعقد الملتقى في جلسته الثانية في تركيا كما كان مقررًا؟
محيي الدين بنانا الوزير السابق في الحكومة المؤقتة، والمنسق الحالي لملتقى العروبيين السوريين تحدث لجيرون قائلًا ” إن الهدف من إطلاق ملتقى العروبيين السوريين بالدرجة الأولى التأكيد علی عروبة سورية، وأنها جزء من الوطن العربي الكبير، ومن ناحية أخری التأكيد علی أن العروبيين هم جزء من الثورة، ومن الأوائل الذين قاموا بالمظاهرات السلمية عند انطلاق الثورة المباركة، ثورة الحرية والكرامة في معظم مناطق سورية، وانتقدوا بشكل كبير مواقف البعض الآخر في هيئة التنسيق وغيرها، من الثورة، وأدان الملتقى مواقف البعض الذين يدعون أنهم قوميون في سورية والوطن العربي من الثورة السورية، واعتبرهم في خندق المقاومة والممانعة المزيفة، وهم يلهثون وراء مصالحهم الشخصية، ولا يمكن اعتبارهم جزءً من التيار العروبي .” ثم أضاف بنانا ” لذلك فإن الملتقى يؤكد علی التحامه بالثورة في كافة مراحل تطورها، من الحالة السلمية إلی الحالة المسلحة بهدف الدفاع عن النفس، وإسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاته، والحفاظ علی وحدة سورية أرضًا وشعبًا، والسعي لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة. وإن هيئة المتابعة في الملتقى قد شكلت اللجنة التحضيرية بهدف عقد ملتقى العروبيين السوريين في تركيا، وقد اجتمعت ما يزيد عن عشرة اجتماعات منذ أكثر من شهرين، بهدف التحضير لعقد الملتقى، وقد تابعت انجاز الأوراق التي تغطي المحاور المقرة من هيئة المتابعة التي ستلقی في جلساته، عند انعقاده، بالإضافة لبعض القضايا اللوجستية، واقترحت أن يكون انعقاد الملتقى في النصف الأول من شهر أيلول/ سبتمبر 2018 لتعثر انعقاده في هذه الفترة”.
أما محمد خليفة الناطق الرسمي باسم ملتقى العروبيين السوريين، ورئيس المكتب الاعلامي فقد تحدث لجيرون عن الأسباب التي دعتهم لإطلاق الملتقى ليقول ” جاء انعقاد ملتقى العروبيين السوريين في أوروبا استجابة لتحديات وعوامل ظرفية تواجه الشعب السوري بعامة وقواه الثورية بخاصة، أهمها على الاطلاق الرغبة في تفعيل الوجود السوري المهجر في أوروبا، والذي أصبح يعد بالملايين، بينهم ألوف المثقفين والناشطين السياسيين من كل التيارات. ولذلك أردنا إطلاق هذه المبادرة لتوحيد طاقات التيار العروبي، وهو التيار الأكبر في الساحة السورية، حول القضايا الوطنية التي يعيشها شعبنا منذ بداية الثورة عام 2011 ، وتأسيس منتدى فكري وسياسي خلاق قابل للاستمرار، وقابل للانتشار وفق قواعد العولمة وثمراتها ” وأضاف خليفة ” إن السوريين في أوروبا لم يعودوا مجموعات متناثرة ومؤقتة ، وإنما أصبحوا وجودًا نوعيًا كثيفًا ومستقرًا ، يعيد بناء ذاته ونسيجه في بلدان أخرى ، ولكن دون انفكاك عن الوطن الأصلي ، بل على أساس الانتماء الدائم والارتباط المصيري به وبقضاياه وأزماته . ومن هذه التحديات والعوامل أن سورية أرضًا وشعبًا تمر في مرحلة دقيقة وحاسمة نتيجة تكالب الدول والقوى المعادية الغازية والطامعة، التي فتح لها الطاغية بشار أبواب سورية، وسلمها مقاليد البلاد تحتلها وتستحلها، ولذلك وجدنا أنه لا بد من اجتماع أهل الفكر والرأي على قاعدة الثورة للتفكير في مآلات الأوضاع الراهنة، وسيناريوهات المستقبل، وكيفية مواجهتها والتخفيف من آثارها. ومنها أيضًا أن التيار العروبي أعرض التيارات التي تم تغييبها أو تهميشها في هيئات ومؤسسات الثورة والمعارضة، خلال السنوات السابقة، مما أحدث خللًا بنيويًا وهيكليًا خطيرًا، سمح بصعود قوى ومكونات لا تلتزم بوحدة سورية أرضًا وشعبًا، مما حفزنا الآن في هذه المرحلة الحاسمة لوضع خطوط حمر تحمي وحدة سورية وهويتها.” وعن الذي أرادوه من ذلك في ألمانيا قال ” أردنا من عقد الملتقى الأول في كولن بألمانيا، إظهار فعالية التيار العروبي وحضوره ومساهمته الايجابية في مسيرة الثورة السورية وقدرته على المشاركة في معالجة إشكاليات الواقع الوطني، واستشراف معالم المستقبل، بطريقة عقلانية وعلمية، والعمل على تنظيم الوجود السوري في أحد أهم ساحات انتشاره، بهدف الحفاظ عليه وحماية هويته وتفعيل وجوده. وقد نجحت التجربة الأولى نجاحًا فاق توقعاتنا المسبقة، وأكد صحة الرؤية والفكرة وجدية التنظيم والعمل. ولم يكن المشاركون يعرفون بعضهم مسبقًا، ولم يكونوا من خلفية حزبية او سياسية محددة، وحرصت اللجنة التحضيرية أن يكون الملتقى الأول نخبويًا لا جماهيريًا، أردنا النوعية لا الكثافة الشعبية، لأننا أردنا إعطاء الأولوية للدراسات والأبحاث العلمية ومناقشتها في مناخ أكاديمي هادئ وحر. وقد ناقش المشاركون سبعة أبحاث وأوراق علمية تتناول جوانب المسألة الوطنية، وسبل تجاوز إشكالاتها، وإعادة بناء سورية الجديدة، كدولة وكمجتمع، وسلطوا الأضواء على أهم التحديات التي تواجه السوريين بكل مكوناتهم”. لكنه تحدث عن مؤتمر تركيا بقوله ” إننا نعمل بجد على تكرار التجربة في تركيا التي يعيش على أرضها زهاء ثلاثة ملايين سوري منذ سبع سنوات، واستطاعوا بفضل الظروف والشروط الجيدة التي وفرتها لهم السلطات التركية، مما ساعدهم على ترميم حياتهم بصورة جيدة، وخلق مبادرات اجتماعية وفكرية وإعلامية وسياسية كثيرة وكبيرة قابلة للاستثمار والاثراء. إن نجاح التجربة الأولى شجعنا على تكرارها في تركيا، وهي ساحة لا تقل حيوية عن الساحة الاوروبية، وربما تفوقها. ونعمل الآن على استنبات النتائج التي تحققت في أوروبا في تركيا، ولقد أعددنا العدة لعقد ملتقى ثانٍ أكثر حشدًا وأفضل تنظيمًا، ولكنه بنفس المنهجية ونفس الأهداف والغايات. ملتقى فكري وسياسي نخبوي وعلمي هدفه طرح ومعالجة الأزمات التي تمر بها بلادنا بطريقة علمية على قاعدة الثورة والالتزام بمبادئها واتجاهاتها. إنها مساهمة ثانية للتيار العروبي السوري في الثورة تتسم بالنوعية والايجابية والعقلانية في استشراف مستقبل سورية ودراسة مختلف أزماتها، ونحن نعتقد أن النجاح سيكون حليفنا أيضًا لأن مبادرتنا مخططة ومدروسة بطريقة علمية لا عاطفية. ونحن نفكر بتكرار التجربة في أماكن وأقاليم أخرى لكي تشمل الفعالية كل مناطق الانتشار السوري.”.
أما الكاتب والناشط العروبي السيد عزت شيخ سعيد وأحد المشاركين بالملتقى فقد قال ” تداعي أعداء الأمة العربية عليها وانكشافها أمامهم وتردي مفهوم العروبة لدى أبناء العروبة وخاصة بعد ثورات الربيع العربي التي كشفت واقع الأمور وعدم وجود أي دعم حقيقي من دول وشعوب الأمة العربية لهذه الثورات مما دعى الكثيرين إلى الدفع باتجاه القطيعة مع العرب والعروبة وهم غير عالمين بأن السند الحقيقي لشعوب المنطقة هو انتمائهم العروبي لذلك كان لابد من الدعوة الى لقاء وتلاقي من يؤمنون بالعروبة (وخاصة من أبناء سوريا) وكان هناك اللقاء الأول في مدينة كولن / ألمانيا ونجاحه في إعادة صياغة وبلورة بعض المفاهيم لذلك كانت الدعوة إلى لقاء ثان في غازي عنتاب/تركيا لاستكمال صياغة وبلورة مفاهيم أخرى وهناك خطة لعقد مزيد من اللقاءات لاستكمال إعادة طرح المفاهيم المتعلقة بالعروبة بما يتناسب مع العصر الذي نعيشه أما موقفنا من القوى التي تدعي العروبة وتؤيد نظام القتل والإجرام والعمالة (في سوريا ) فهو أنها قوى أما أنها منفصلة عن واقعها وتعيش في مفاهيم ما قبل ثورات الربيع العربي أو أنها قوى عميلة تلهث خلف الدولار والتومان.”.
المصدر: جيرون