سأحدثكم عن زهرة الخزامى:
يحكى أن زهرة للخزامى ترعرعت في زمن ماضٍ، وفي لحظة تاريخية ما، وضمن بيئة معينة، تطاولت نحو السمو والعلا، حتى راحت عيون الناس، فضوليين ومحبين يلاحقونها، ويسمون معها.. تطاولت أكثر وأكثر، لأنها آثرت الصعود بين الجبال، عن الجلوس بين الحفر، تطاولت حتى لا تطاول، كانت باسقة في جمالها ورونقها، كما كانت ذات رائحة غريبة، لكنها روعة في جمال وأنس نسماتها المستنشقة من قبل الآخرين.. ورغم الألم، وبالرغم من العسف والقهر، كانت تحلم وتحلم وتحلم، وكأنها ترفض أن تندرج كزميلاتها من الزهور، في أتون انفلات لا زهوري ولا وردي، وبدون رائحة زكية.. كانت تقف شامخة واقفة، في لحظات يكثر فيها الانحناء والميلان، وتكثر فيها حالات الهيجان الانفعالي المتهالك والمتساقط.
كانت ترسل بريقاً ولمعاناً قل مثيله، وهي تفعل ذلك عن سابق تصور وتصميم.. وتلاقح المحيط، الذي يهيم فيها وحولها.. دون أن تتهاون فيما نشأت به وعليه..
” خزامى” ليست ككل الخزامى، إنها اللاهوت المؤنسن، والنبتة المدمجة بكل ألوان الطيف، وجل جمال قوس قزح.. حتى كان اليوم الموعود، يوم أعلنت عن جمالها وناطحت فيه السحاب، فانقضت عليها وحوش كاسرة في عتمة الليل، وفي غفلة من المحبين المستنشقين لرائحتها الزكية.. فحملوها حملاً.. إلى مكان لا يعرف مؤداه.. وأهل ذلك الزمان مازالوا يذكرونها بكل محبة وخير، ولم تزل تطبع في ذاكراتهم، آهات وأنات، جمال برائحة زكية، ولون بنفسجي لا يعرفه ولا يدركه، إلا من عرف الخزامى، وأي خزامى..
ومازال أهل حيها، وأهل بلدتها، يذكرونها ويحلمون بخزامية مثلها، تعيد الأمل حيث لا أمل، وتبني درجات السلم حيث لا … وحيث وحيث.. ومازالوا يحلمون، ومازالت جموع الناس من بعدهم كذلك.