المحامي أحمد مشوَّل
لايحتاج المتابع للوضع في سورية منذ بداية الثورة حتى الآن لمعرفة تفاصيل إضافية عن درجة التواطؤ والخذلان بين الائتلاف واللجنة الدستورية والهيئة العليا للمفاوضات والنظام السوري بالاضافة لمشغليهم .
لقد ارتكب أعضاء في هذه الهياكل جرائم السرقة والاختلاس ونهب أموال الثورة وخدمة النظام السوري والدول وأجهزة المخابرات الدولية التي تساندهم وتعيد تدوير نفاياتهم على حساب قضية الشعب السوري وثورته العظيمة .
هذا بالاضافة للانحرافات الخطيرة عن مسيرة الثورة والتفريط باهدافها ومنجزاتها وبالقرارات الدولية التي حصلت عليها ومنها بيان جنيف 1 والقرارين 2118 و 2254 الصادرين عن مجلس الامن الدولي وذلك بالغوص في مستنقعات استانة وسوتشي لخدمة النظام السوري وروسيا وإيران وتركيا .
كما لايخفى على أحد بأن جميع القوى السياسية من أحزاب وتجمعات وتيارات وحركات سياسية لم تنجح في تجاوز أمراضها وعللها وشرنقتها حول ذاتها وبالتالي لم تتمكن من وحدة أهدافها لاسقاط النظام والقوى السياسية التي تبوأت المشهد السياسي ولعبت على دماء السوريين وحرياتهم ومصائرهم ولقد فشلت جميع اللقاءات والتجمعات والمؤتمرات بسبب غياب الرؤية والاستراتيجية وأدوات العمل ولذلك استطاع النظام وبالاتفاق مع قوى المعارضة المتقاعدة والتي تبوأت المشهد السياسي من ادخال الشعب السوري في هذا النفق المظلم من سيطرت عصاباته وعصابات قوى الامر الواقع وإعادة إنتاج فساده وديكتاتوريته وجرائمه في جميع المناطق التي خرجت ظاهريا عن سيطرته .
*علاقة داعش والنصرة بالنظام*
لايحتاج المتابع أيضا للوضع في سورية منذ بداية الثورة حتى الان لمعرفة علاقة النظام السوري بداعش وكيف تم اطلاق سراح قيادات من التنظيم من سجونه ومعتقلاته بالاضافة لعلاقة دول وأجهزة مخابرات لدول متعددة ليس آخرها المالكي بالعراق ونظام الملالي في طهران وتزويد التنظيم بالمال والاسلحة وكل شئ من أجل السيطرة والتحكم في مناطق واسعة من سورية وغايتهم إثبات أن الثورة السورية هي مجموعة قوى إرهابية متطرفة
فداعش والنصرة يرضعان من ثدي القاعدة وتربطهما أيديولوجية واحدة يتفقان بالاستراتيجية ويختلفان في فقه الاولويات وكيفية ذبح السوريين من الوريد الى الوريد .
ولعل الخلافات الظاهرية داخل التنظيم بين الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش ) وبين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة ) لاترتق لمستوى فك الارتباط بينهما .
ومع الوقت تتكشف فضائح جديدة عن دعم التنظيمات الارهابية لتمارس دورها وفق استراتيجية مشغليها الفعليين ولذلك جاءت فضيحة شركة لافارج الفرنسية واريكسون السويدية ودفع مئات ملاين الدولارات لمصلحة التنظيمات الارهابية لتستمر في عملها و للتأكيد بأن داعش والنصرة إنتاج أجهزة مخابرات دولية تشارك بها دول بواسطة شركات تقدم كل وسائل الدعم لتحقيق أهدافها بالمنطقة .
وتأتي المسرحية الامريكية الحرب على الارهاب التي تقوده الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها للسيطرة والتحكم في شمال شرق سورية حيث البترول والغاز والقمح والقطن والمياه وتمكين قوى انفصالية تصفها وتصنفها بأنها إرهابية وتتعامل معها بالواقع الفعلي
ولذلك ترفع هذه العصابات الارهابية في مناطق سيطرتهم ونفوذهم اعلام حزب العمال الكردستاني وصور اوجلان وتتغاضى الولايات المتحدة الامريكية والتحالف الدولي عن جرائم التهجير القسري للعرب وغيرهم التي يمارسه حزب العمال الكردستاني Pkk بالاشتراك مع قسد وهناك تقارير دولية عن جرائم التجنيد للاطفال والتي تخالف القانون الدولي .
كما لايخفى على أحد تاريخية العلاقة بين حزب العمال الكردستاني والنظام السوري وبالتالي فإن حزب الاتحاد الديمقراطي (قسد ) يرتبط بعلاقات وشيجة معهم وبالتنسيق التام عسكريا وأمنيا
وهناك أدلة كثيرة وشهادات على قيام النظام السوري بتسليم مناطق واسعة من سورية لقسد بما فيها مناطق داخل مدينة حلب (حي الاشرفية والشيخ مقصود ) والجميع يعرف أن قسد التي تستقوي على السوريين بالولايات المتحدة الامريكية والتحالف الدولي والدعم العسكري والسياسي والمالي بسرقة خيرات السوريين من النفط والغاز وتقوم بإعادة قسمته مع النظام الشريك الفعلي لقسد .والجميع تابع التصريحات التركية حول العملية العسكرية التي كانت سوف تشمل المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني وقسد وكيف كانت قسد تلوب مثل فأر بافلوف بين القوى الدولية التي تحتل سورية وكيف لجأت للنظام السوري لحمايتها ورفعت اعلامه على مقراتها . ولايخف على احد الارتباطات المشبوهة لقسد ومشروعها الانفصالي في شمال شرق سورية ومحاولتها شرعنة تجربتها الانفصالية في مؤتمرات ولقاءات في دول أوربية والولايات المتحدة الامريكية وكنت اتمنى من المشاركين في هذا المؤامرات قراءة التقارير الدولية عن جرائم التهجير القسري للعرب وشهادات النازحين والمهجرين بقوة السلاح وبما أن جرائم القتل والاعتقال والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري للسكان العرب وغيرهم من مناطقهم تشكل جرائم ضد الانسانية وفق المادة السابعة من نظام روما ، كما أن جرائم تجنيد الاطفال تخالف اتفاقية جنيف الرابعة 1949 والبروتوكلين الملحقين باتفاقية جنيف والموقعين عام 1977 حيث منعت المادة 77 من البرتوكول الاول تجنيد الاطفال في النزاعات المسلحة كما منعت المادة 3/4 من البرتوكول الثاني تجنيد الاطفال ، واعتبر القرار الصادر عن مجلس ألامن الدولي رقم 1261 لعام 1999 بأن استعمال الاطفال بالنزاعات المسلحة مخالف لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية الذي اعتبر تجنيد الاطفال جريمة حرب وفق المادة الثامنة من قانونها ، وبالتالي فإن الجرائم التي ترتكب على نطاق واسع من حزب العمال الكردستاني وقسد في شمال شرق سوريا تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي .
وقد ادانت منظمة ( سوريون من أجل الحقيقة والعدالة ) بإلاضافة لادانة 23 منظمة حقوقية كردية قسد بسبب تجنيد الاطفال في عملياتها العسكرية .
ولقد أكد تصريح صادر عن الامانة العامة للمجلس الوطني الكردي بأن مجموعة مسلحة من Pkk يوم الأربعاء 19 تشرين الأول 2022 أقدمت على الاعتداء على مقر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها في مدينة القامشلي وكسرت الأبواب والنوافذ وقامت بترهيب الموظفين والعاملين فيها مما يهدّد استمرار العمل الخدمي والإنساني للأمم المتحدة في المنطقة.
كما ألقت مجموعة مسلحة تابعة للتنظيم نفسه فجر يوم الخميس 20 تشرين الأول 2022 م في مدينة الحسكة قنبلة على منزل السيدة فصلة يوسف عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكردي في سوريا، وفي الوقت نفسه ألقى مسلحو التنظيم قنبلة على منزل السيد محمود عوجي عضو المجلس الوطني الكردي في مدينة الحسكة حيث تسببت بإلحاق أضرار مادية جسيمة بالمنزل وأثاثه، وبالتالي فإن الاعتداء على منظمات الأمم المتحدة وسكان المنطقة والاستهداف المتكرّر لأعضاء المجلس ومؤيديه وممتلكاتهم يشكل جرائم يجب ملاحقة مرتكبيها
وحمل التصريح الصادر المسؤولية أيضا لـ PYD ومسلحيه في ارتكاب هذه الجرائم وهناك مئات الجرائم المرتكبة من Pkk و PYDالتي ارتكبت ضد المجلس الوطني الكردي والناشطين والصحفيين الكرد وغيرهم وردا على اتجاهات فكرية تحاول شرعنة قسد وتجربتها بالإدارة الذاتية من خلال المقارنة بينها وبين بقية سلطات الامر الواقع التي تحكم المناطق السورية.
هي محاولة بائسة لان جرائم القتل والاعتقال والاغتصاب والتهجير القسري يجب ملاحقة فاعليها سواء ارتكبت من النظام أو قوى الاحتلال أو من Pkk او PYDاو من عصابات داعش والجولاني أو من الجيش الوطني أو الحمزات أو العمشات وغيرهم تعتبر جرائم وقعت بحق المدنيين ويجب معاقبة الفاعلين وعدم تمكينهم من الافلات من العقاب و نؤكد بأن النظام السوري والقوى الدولية التي تحتل سورية أو التي تسانده لايمكنها إجبار السوريين وإخضاعهم للقبول بالمجرمين وقطاع الطرق وامراء الحرب والمرتزقة لان الثورة قامت من أجل الحرية والكرامة الانسانية ولم تقم الثورة للمفاضلة بين القتلة والمجرمين وشرعنة وجودهم ولم تقم الثورة لتقسيم سورية وشرعنة وجود قوى انفصالية سواء في مناطق قسد ومسد أومنطقة إمارة الجولاني في إدلب وريفها وفي جميع المناطق السورية .
ولم تقم الثورة لسيطرة قوى اسلامية ظلامية تحكم الناس بالحديد والنار كما يحصل في السجون والمعتقلات التابعة لجبهة النصرة حيث هناك ثمانية سجون معروفة، وعدة سجون سرية، لا إحصائية دقيقة بعددها. أشهر تلك السجون (الأمن العام، الـ107، سجن شركة الكهرباء، والسجن القديم في مدينة إدلب. بالإضافة إلى سجن القلعة في حارم، وسجن قضاء سلقين وسجن القلعة في دارة عزة. ويبقى أشهر سجون الهيئة ذاك الواقع في جبال سرمدا (سجنُ الجبل) السيئ الصيت، وجاء بديلاً لسجن “العقاب” الشهير الذي تمَّ إخلاؤه حين سيطرت قوات الأسد على جزء من جبل الزاوية، واذا اضفنا لهذه السجون والمعتقلات لدى الجيش الوطني والشامية والحمزات والعمشات وأحرار الشام وبقية السجون والمعتقلات لدى حزب العمال الكردستاني وقسد والميلشيات الشيعية أو التي موجودة لدى النظام السوري وقوى الاحتلال تصبح جميع الاراضي السورية سجن ومعتقل كبير للسوريين .
كما أن الثورة لم تقم من أجل تحويل السوريين إلى مرتزقة لدى تركيا وروسيا وإيران وغيرهم ؟
هذا الواقع الذي نتج عن تحويل الثورة بقوة السلاح والمال وتدخل القوى الدولية إلى ساحة صراع مفتوح وبالتالي هدر دماء السوريين خدمة لاغراض مشغليهم ومن هنا أهمية وجود مشروع وطني شامل لجميع السوريين واهم مبادئه :
1- الحل السياسي في سورية وفق القرارات الدولية اي وفق بيان جنيف 1 والقرارين 2118 و 2254الصادرين عن مجلس الامن الدولي وضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية وبدون الاسد وأركان حكمه ومن تلوثت أيديهم بدماء السوريين .واطلاق سراح جميع المعتقلين ومعرفة مصير المفقودين والمغيبين قسرا والتعويض العادل لاهالي الشهداء والجرحى والمصابين مع الحق باستخدام كافة الوسائل المشروعة الاخرى في حال استمرار الرفض ومقاومة الحل السياسي .
2- وحدة سورية أرضا وشعبا ورفض جميع أشكال التقسيم مهما كانت التسميات والاوصاف واعتبار جميع سلطات ألامر الواقع غير شرعية ومخالفة للقانون .
3- العمل على رحيل جميع قوى الاحتلال لسوريا بما فيهم المليشيات الشيعية وداعش وقيادات النصرة من الاجانب وحزب العمال الكردستاني وجميع أمراء الحرب والمرتزقة الاجانب .
4- ملاحقة جميع جرائم القتل والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية المرتكبة في سورية من جميع الاطراف .واعتبار قانون المحكمة الجنائية الدولية مرجعا في توصيف هذه الجرائم ولاتسقط هذه الجرائم بالتقادم وفق المادة 26 من قانون روما مهما مضى من زمن على ارتكابها .
5- الحريات العامة والحق بالتعبير بكل وسائل التعبير من الحقوق الاساسية في كتابة أي دستور ويتضمن هذا الحق حرية إصدار الصحف والمجلات ومنح تراخيص الاذاعة والتلفزيون وغيرها من وسائل التعبير بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي .والحق بتشكيل الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، والحق بالاضراب عن العمل والاعتصام السلمي .وحرية ممارسة الشعائر الدينية ، وجميع هذه الحقوق والحريات تمارس دون المساس بحريات الاخرين او المساس بحياتهم الشخصية وبما يتوافق ومبادئ حقوق الانسان والحريات الاساسية .
6 – اعتبار التمييز والعنصرية جريمة يعاقب عليها القانون.
7- المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون أي تمييز بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو اللغة او الجنس ، وبأن المواطنة المتساوية والمتكافئة أساس وقاعدة في الدستور والقانون .
8 – إعطاء أهمية كبيرة للتعليم وفق المواصفات العالمية وتجربة الدول المتقدمة وخاصة التجربة الفلندية واعتبار اللغة العربية لغة رسمية مع الحق في المرحلة الاعدادية اختيار لغتين إضافيتين من لغات العالم بما فيها اللغة الكردية .
9 – حماية الملكية العامة والخاصة بالدستور والاعتداء عليها جريمة يعاقب عليها القانون باستثناء حالات الاستملاك للمصلحة العامة ومقابل تعويض عادل يتناسب مع القيم الحقيقية لهذه العقارات ، وإعادة النظر بجميع القوانين والمراسيم الصادرة في سورية المتعلقة بالملكية الخاصة والعامة منذ عام 2011 والغاء قرارات المصادرة للأراضي والعقارات وفق القانون 10لعام 2018 والغاء الاثار القانونية لقانون مكافحة الارهاب رقم 19 لعام 2012 وخاصة المادة 12 التي نصت بأنه (في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها ونقل ممتلكاتهم لصالح النظام ) والغاء التعميم رقم /346/ الذي يأمر مديرية المصالح العقارية بالتنفيذ للمصادرة لهذه العقارات ، والغاء جميع قرارات وزارة المالية المتعلقة بالحجز أو مصادرة أموال وعقارات السوريين لاسباب سياسية . وإعادة النظر بجميع القوانين والمراسيم التشريعية والقرارات الصادرة في سورية .
10 – الفصل التام بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ومراعاة الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949وملحقاتها، وجميع الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان .
هذه هي القواسم المشتركة التي يمكن برأينا أن تشكل قاعدة لتكوين تيار وطني من جميع السوريين للعمل عليها .