يشهد الاتحاد الأوروبي خلافات وتصدعات جادّة بين الدول الأعضاء بشأن سياسة التعامل مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، فيما بدأت بعض الدول الضغط باتجاه تغيير بعض السياسات بما يتمشى مع مصالح الأسد ونظامه.
ونقلت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية عن أربعة مسؤولين أوربيين قولهم إنه على الرغم من الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي من النظام السوري، إلا أن خلافات طفيفة ظهرت في بعض الأوقات بين الدول الأعضاء تجاه سياسة التعامل مع النظام السوري، تحولت في الشهور الأخيرة إلى خلافات جدّية.
وأَضافت المصادر أن كلاً من حكومات اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا استخدمت انطلاقاً من مواقعها داخل الاتحاد ضغوطاً على بعض خطوط السياسة، داعين إلى تغيير سياسات تتماشى بشكل مباشر مع مصالح النظام السوري.
ولفتت إلى قيام تلك الحكومات بتشكيل مجموعات خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، موضحةً أنها تضمّ خبراء من أجل تبادل الأفكار المبتكرة التي من شأنها تجاوز عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري وفعل المزيد من أجله.
ووفقاً للمجلة، فإن الارتفاع الكبير في قوارب المهاجرين التي تحمل سوريين قادمةً من كل من لبنان وتركيا وسوريا نحو إيطاليا واليونان وقبرص ومالطا، كانت حافزاً لذلك التحول الذي تلعب المعارضة السورية المدعومة من قبل تركيا دوراً فيه أيضاً، إضافة إلى التأثير المتزايد للسياسات الشعبوية والإسلاموفوبيا والسياسات الموالية للمسيحيين والأقليات، والتعاطف العام مع موقف روسيا من سوريا، على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا.
وذكر التقرير أن بعض دول الاتحاد اشتكى من الإشارة المستمرة لجرائم النظام السوري في البيانات العامة المتعلقة بسوريا، لإن وصف جرائم الأسد بشكل علني لم يشكل عائقاً أمام تلك الدول الحريصة على تحسين العلاقات مع النظام.
واعتبر أحد المسؤولين الأوروبيين أن “الزيادة المضطردة في التعبيرات المرئية والرسمية المعارضة لسياسة الاتحاد الأوروبي في عزل الأسد هي أخطر تحدٍ يواجه موقف المجتمع الدولي من سوريا”، فضلاً عن أن تكثيف المعارضة الداخلية يهدّد بكسر سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بسوريا بشكل كامل.
لكن الأخطر بحسب التقرير، أن انهيار سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه النظام السوري يهدّد بنسف الموقف الدولي بأكمله في هذا الشأن، إضافة إلى تشجيع المزيد من الخطوات الإقليمية نحو إعادة الانخراط بعلاقات مع نظام الأسد، وعزل تلك الدول التي تبقى ملتزمة بعدم الشروع فيها.
من جهة أخرى، يرى التقرير أن جهود التطبيع مع النظام تبدو ضئيلة نسبياً بسبب الردع الذي يشكله قانون “قيصر”، الذي يفرض العقوبات على أي كيان يتعامل مالياً مع النظام السوري، إضافة إلى أن ثبات موقف قطر والسعودية ومصر المعارض بشدة لإعادة الانخراط الإقليمي مع النظام، يرجح عدم تطور هذا التطبيع إلى درجة كبيرة.
واعتبرت المجلة الأميركية أنه إذا كان اللاجئون هم من تخشاهم حكومات تلك الدول الأوروبية، فيجب عليهم أن يدركوا أن ترك الأسد بعيداً عن المأزق لن يؤدي إلا إلى تدفقات أكبر لهم، كما أن اللاجئين الذي فروا من وحشية الأسد، لن يعودوا إليه مرة جديدة، واصفةً سياسات الاعتذار والاسترضاء التي تتبناها حكومات معينة داخل الاتحاد الأوروبي بأنها “غير أخلاقية وغير منطقية”.
المصدر: المدن