أمين العاصي وليث أبي نادر
سيطرت فصائل محلية، أول من أمس الثلاثاء، على حيّ طريق السد في محافظة درعا، جنوبي سورية، بعد قتال استمر لنحو أسبوعين مع مجموعات تتهم بأنها تتبع لتنظيم “داعش” ويستفيد النظام من وجودها في هذه المحافظة، التي لم تشهد أي استقرار رغم مرور أربع سنوات على التسوية الروسية التي فُرضت على فصائل المعارضة السورية.
حصار “داعش” في حيّ طريق السد
وذكر “تجمّع أحرار حوران”، وهو كما يُعرّف عن نفسه “مؤسسة إعلامية مستقلة تنقل أحداث الجنوب السوري”، أن مجموعات محلية مقاتلة سيطرت، أول من أمس، على حي طريق السد في مدينة درعا، بعد 16 يوماً من القتال مع مجموعات متهمة من قبل الأهالي بالانتماء إلى “داعش”. وأشار التجمع إلى أن “اللواء الثامن” التابع عملياً للجانب الروسي، ساند المجموعات المحلية في السيطرة على الحي. وأكد التجمع أن مصير متزعمَي المجموعات المتهمة بالانتماء لـ”داعش”، وهما: المدعو مؤيد الحرفوش الملقب بـ”أبو طعجة” والمدعو محمد المسالمة الملقب بـ”هفّو”، لا يزال مجهولاً.
وذكر أبو محمود الحوراني، وهو المتحدث باسم التجمع، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الحرفوش والمسالمة “ربما استطاعا كسر طوق الحصار الذي كان مفروضاً على المكان الذي كانا فيه والهروب من المنطقة”. وأشار إلى أن “جهاز المخابرات الجوية التابع للنظام ربما له يد في تهريبهما من الحي قبل السيطرة عليه من قبل الفصائل المحلية”. كما أشار إلى أن “تنظيم داعش لم ينته بشكل كامل في محافظة درعا”، موضحاً أن “هناك مجموعات قليلة في محافظة درعا يستفيد النظام من وجودها”.
وبيّن الحوراني أن الفصائل المحلية “تتعامل أمنياً مع هذه المجموعات للقضاء عليها كما حدث في أغسطس/آب الماضي، حين قتل المدعو أبو سالم العراقي الذي كان من متزعمي التنظيم جنوب سورية، أثناء محاصرته في ريف درعا”. وأكد الحوراني مقتل نحو 35 شخصاً من الجانبين أثناء القتال الذي دام أكثر من أسبوعين، وأدى إلى نزوح عدد من سكّان حي طريق السد.
وفي السياق، قال محمد صمادي، وهو من سكّان المنطقة لـ”العربي الجديد”، إن العناصر التي كانت متحصنة في حي طريق السد خلال الفترة الماضية “كانوا يخدمون أجندة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام في محافظة درعا”. وأشار إلى أن الفصائل المحلية “تحركت لقطع الطريق أمام هذه المجموعات التي ما كان لها أن تستمر في المحافظة لولا الدعم والمساندة من أجهزة النظام”.
وبيّن الصمادي أن جميع عناصر الفصائل المتقاتلة في درعا حالياً، هي عناصر أجرت تسويات مع النظام، سواء المتهمين منهم بالانتماء لـ”داعش” أو ممن ينتمون للواء الثامن والفصائل التي تقاتل معه، موضحاً أن النظام يمتلك أدوات تحكم في كل القوى ويفتعل تلك المعارك لإثارة الفوضى في المحافظة ومن أجل الظهور كمحارب لداعش”.
وكان النظام السوري أعلن منتصف عام 2018 نهاية “جيش خالد” الذي كان تابعاً لتنظيم “داعش” في جنوبي سورية، عقب السيطرة على معقله في حوض اليرموك بريف درعا الغربي. وجاء ذلك عقب “صفقة” نُقل بموجبها عدد من عناصر وقيادات التنظيم إلى البادية السورية.
وبقي “جيش خالد” مسيطراً على ريف درعا الغربي سنوات عدة، حاولت فصائل المعارضة السورية مرات كثيرة القضاء عليه، ولكنها فشلت.
وأعربت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، عن اعتقادها بأن النظام أبقى على مجموعات من التنظيم في المحافظة، استخدمها لاحقاً في تنفيذ عمليات اغتيال لعدد كبير من معارضيه، فضلاً عن اتخاذها ذريعة لكسر إرادة المدن والبلدات في المحافظة.
وفي هذا السياق، رأى الباحث السياسي عرابي عرابي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هناك “دعماً خفياً لخلايا ما تزال تابعة لداعش في الجنوب السوري”، مضيفاً أن “النظام يستهدف تصفية ما بقي من الثوار والمعارضين في محافظة درعا”.
وكان النظام سيطر على محافظة درعا في عام 2018 حين فرض الروس بالقوة على فصائل المعارضة التوقيع على اتفاقات تسوية، هُجّر الرافضون لها إلى الشمال السوري. وعاد النظام وفرض تسوية أخرى على مدن وبلدات درعا أواخر العام الماضي عقب محاصرة حي درعا البلد. وبذلك لم يعد لفصائل المعارضة السورية أي وجود في محافظة درعا، حيث انضوى عدد من مقاتلي هذه الفصائل في “اللواء الثامن” الذي شكّله الجانب الروسي ليكون ذراعه العسكرية في جنوب سورية.
“اللواء الثامن” يقلّص دوره في درعا
ويعد “اللواء الثامن” الذي شُكّل في عام 2018، وقوامه عناصر سابقون في فصائل المعارضة السورية، أبرز الفصائل الموجودة في محافظة درعا، ويتمركز في بلدة بصرى الشام ويقوده أحمد العودة، قائد ما كان يسمى بـ”فرقة شباب السنّة” التابعة للجيش السوري الحر. ولكن الجانب الروسي بدأ مطلع العام الحالي تقليص دور هذا اللواء بتحويل تبعيته من الناحية الإدارية لشعبة المخابرات العسكرية في وزارة الدفاع في حكومة النظام.
وفي هذا الإطار، بيّن الناشط الإعلامي يوسف مصلح، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “اللواء الثامن شارك إلى جانب الفصائل المحلية في قتال المجموعات المتهمة بالانتماء لتنظيم داعش بطلب من الفصائل”، مضيفاً أن “اللواء لعب دوراً كبيراً في القضاء على المجموعات والسيطرة على معقلها في حي طريق السد”.
من جهته، وصف النظام السوري الفصائل التي تعاملت مع خلايا تنظيم “داعش” بـ”المجموعات المحلية الرديفة” لقواته، وفق صحيفة “الوطن”. ونقلت “الوطن” عن أمين فرع درعا لحزب البعث الحاكم حسين الرفاعي، قوله إن “العملية الأمنية ستتواصل في المناطق الشرقية والغربية من المحافظة حتى القضاء على كل بقايا فلول مسلحي التنظيم الإرهابي”، وفق تعبيره.
ولم تشهد محافظة درعا استقراراً رغم مرور أربع سنوات على خروج فصائل المعارضة السورية منها، إذ لا تزال عمليات الاغتيال المتنقلة هي السمة البارزة للمشهد في هذه المحافظة التي أصبحت بوابة تهريب المخدرات من سورية إلى الأردن. وفي هذا الصدد، ذكر الناشط الإعلامي محمد الحوراني لـ”العربي الجديد” أن هجومين بالأسلحة النارية وقعا أمس الأربعاء في درعا البلد بمدينة درعا، الأول وقع قرب المسجد العمري وأدى إلى مقتل شاب، بينما وقع الثاني في شارع فرعي بالمنطقة ذاتها، وأدى إلى مقتل شخص وإصابة آخر بجروح بليغة.
المصدر: العربي الجديد