وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى تونس (الاثنين) في زيارة تستمر ثلاثة أيام بدعوة من نظيره وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، بعد أن أنهى زيارة للجزائر، التقى فيها كبار المسؤولين في الدولة، وقال في حديث تلفزيوني إن «سوريا لا تمانع من التضحية لبعض الوقت، لإعادة لمّ الشمل العربي».
وتأتي هذه الزيارة إثر اتفاق سوريا وتونس منذ يوم الأربعاء الماضي على إعادة فتح سفارتيهما لدى بعضهما، وذلك بعد 11 عاماً من قطع تونس العلاقات، ومن المنتظر أن تؤكد زيارة المقداد هذا الاتفاق وتنفذه على أرض الواقع.
وفي هذا الشأن، قال أحمد الحباسي، الكاتب والناشط السياسي التونسي، إن على تونس دعم ملف سوريا في العودة إلى جامعة الدول العربية. واعتبر أن «عودة الهدوء إلى العلاقات الثنائية بين البلدين ستفك شفرة ملف تسفير التونسيين إلى ساحة المواجهات المسلحة في سوريا وتحديد المسؤوليات والكشف عن الأطراف الضالعة في هذا الملف».
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، استقبل المقداد (الأحد). وأكد الوزير السوري للصحافة على أثر اللقاء الذي استمر ساعتين، أنه «شعر بأن الجزائر، جاهزة دائماً للدفاع عن مصالح أمتها. قال لي الرئيس تبون إن الجزائر لن تتخلى عن سوريا مهما كانت الصعوبات، مثلما كانت سوريا إلى جانب الجزائر في كل التحديات، وهذا ما نتطلع إليه في علاقاتنا».
وفهم من كلام المقداد أن دمشق كانت بحاجة إلى سماع موقف من الجزائر، من موقعها الرئيس الحالي للقمة العربية، يجدد التأييد لسوريا. والحكومة الجزائرية كانت حريصة على أن تقدم موقفها من «المشكلة السورية»، وهي لا تزال تمارس رئاستها للقمة التي تنتهي الشهر المقبل بمناسبة التئام قمة الرياض. وقال المقداد بهذا الخصوص: «تحملت الجزائر، بصفتها رئيس القمة العربية، مسؤوليات كبيرة ودافعت عن حقوق الشعب العربي. والجزائر قيادة وشعباً وقفت إلى جانب سوريا في كل التحديات التي مررنا بها في المرحلة الماضية. نحن كنا إلى جانب الجزائر أيضاً خلال العشرية السوداء».
وفي مقابلة مع قناة «الجزائر الدولية» الحكومية، بُثت ليل الأحد، ذكر المقداد أنه حمل رسالة من الرئيس السوري الأسد إلى تبون، «عبر له فيها عن تقديره له وللشعب الجزائري لكل ما قدمه لسوريا من دعم منذ اندلاع الأزمة في 2011».
وأوضح المقداد أن رسالة الأسد «فيها شرح للتطورات التي مرت بها سوريا وما يجري في المنطقة، والتحركات السياسية الجارية الآن على مختلف المستويات، سواء مع جيران سوريا أو في (إطار أستانا) أو العلاقات السورية – الروسية، أو الزيارات التي قام بها الكثير من المسؤولين العرب خلال الأسابيع الماضية إلى سوريا، أو الزيارات التي قمنا بها إلى دول عربية».
وسئل إن كانت التحركات العربية الأخيرة لحل الأزمة السورية، ومنها اجتماع جدة، «تدل على انفراجة في علاقات دمشق مع الدول العربية»، فقال المقداد: «همنا الأساسي أن تكون علاقاتنا طبيعية وواضحة وتقوم على عمل مشترك لمواجهة تحديات مشتركة، لذلك أقول إن الزيارات التي قادتنا إلى بعض الدول العربية والزيارات التي قادت مسؤولين عرباً إلى دمشق، تقع تحت نفس الهدف والعنوان، وهو إعادة العلاقات إلى طبيعتها. لماذا تكون هذه العلاقات طبيعية مع كل دول العالم ولا تكون كذلك فيما بيننا؟».
وأضاف: «لا نفرض شروطاً على أشقائنا العرب (فيما يخص مقترحات حل الأزمة). فكل الدول العربية تعرف أن ما تعرضت له سوريا يمكن أن يتعرض له أي بلد عربي. وسوريا كانت البداية».
وبخصوص احتمال حضور الأسد في القمة العربية المقبلة، عاد المقداد إلى مقترح الجزائر استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية بمناسبة القمة الأخيرة، فقال: «كان موقفنا في قمة الجزائر، أن إصلاح العلاقات العربية هو الطريق الحقيقي لجعل الجامعة العربية أو التعاون العربي المشترك هو الذي سيستفيد في النهاية. أما إصلاح العلاقات الثنائية فهو شبه مستحيل، ولكن تبقى الخلافات داخل الجامعة واقعاً. لا يمكن لسوريا التي آمنت بالبعد العربي لكل قضايانا، والتي طالبت بتوحيد الدول العربية ومواقفها، أن تكون مسؤولة عن التفرقة ما بين البلدان العربية. فإذا كان غيابها في الجامعة يريح العرب من بعض المشاكل، فلا مانع من التضحية بسوريا لبعض الوقت لإعادة لمّ الشمل العربي».
المصدر: الشرق الأوسط