محمود خزام
منذ فترة طويلة وأكاد أجزم بأنها منذ مغادرتي قسرا مخيم اليرمرك و” بلدي المحبوب” سوريا أول الثمانينات أو قبل ذلك بقليل..
تتواصل بداخلي، وعقلي، وروحي، ووجْدي ووجْداني الكتابة عن ” سينما الكرمل” وأصحابها الغوالي ( الفلسطينين القُح) عائلة ” أبو غيدا” وأخص بالذكر منهم أخانا وصديقنا الجميل النبيل الفنان ” صلاح” الذي أدار السينما بكل احساس الإنسان الفنان، والذي كان يُقدر قيمة مشروعه غير العادي في تلك الفترة وذاك الزمن وهو بداية الستينات من القرن الماضي، وقيمة المكان وهو ( مخيم اليرموك) الذي كان قد مضى على انشائه بضع سنوات ( ١٩٥٦) ليكون مكانا مؤقتا لسكن اللاجئين الفلسطينين، لحين عودتهم القريبة و ” المنتظرة” إلى المدن والقرى التي هجروا منها بفعل الاجرام والتقتيل والتدمير الصهيوني في عام ( النكبة ) الفلسطينية الأولى.. والتي ستعود وتتكرر للمرة الثانية بالعام ( ٢٠١٢ ) وهذه المرة بأيادي قوات وعصابات وميليشيات نظام القتلة الأسدي والتي أنهت وجوده بشكل نهائي بالتدمير والتعفيش عام ( ٢٠١٨.).؟!
في الحقيقة تخمرت الفكرة لدي أكثر، حين أرسلتنا حركة “فتح” انا ورفيق العمر والدرب تيسير الشهابي، في بعثة دراسية إلى ( جمهورية ألمانيا الديمراطية) لدراسة السينما..
في ألمانيا وفي بلدة ” بابيلزبيرغ” التي تضم ال ( D E V A) وهو معهد السينما ويضم أكبر استوديوهات للسينما في العالم
من حيث القيمة والمعنى حينها، سأتحدث عن هذا الأمر والفترة التي أمضيتها هناك لاحقا…
المهم، أعود للموضوع الأساسي وهو الحديث عن ( سينما الكرمل ) ودورها التربوي والثقافي والتوعوي والحضاري التاريخي، الوطني والقومي التقدمي الإنساني، على جيلنا بالخصوص وباقي أبناء المخيم ومحيطه من البلدات والقرى السورية ، وتحديدا سكان بلدتي ” يلدا وببيلا”..!
وهنا ، سأتحدث عن دور سينما الكرمل وتأثيرها الهائل علَيَّ شخصيا وتحديدا “النفسي والعاطفي والمعرفي والوعي السياسي والفكري” والأهم من كل ذلك الخيار ” الفني” الذي سيبدأ بالمسرح وينتهي بالسينما…
يقيني، وانا لست متأكدا بالكامل من التاريخ، انني دخلت صالة الكرمل اول سِني عمري بالتأكيد مع والدي الراحل، والذي له وهو مشروع ” الفنان” الذي ظلمته ظروف” النكبة ” الدور الأول بتأثري بالسينما وانبهاري بها.. إلى جانب والدتي وهي أيضا كانت ” مشروع فنانة ” ظلمتها نفس الظروف، واعتدنا الذهاب في مشاوير عائلية برفقة شقيقتي الكبرى وخالاتي إلى سينما الكرمل..
سبق وذكرت اكثر من مرة وآخرها أمام ومع حبيبتي أمول منذ الأيام الأولى لتعارفنا، وهي بالأساس صديقة ورفيقة وزميلة شقيقي الفنان الواعد والموهوب الراحل ( علي الشهابي ) حين تفاجأت بحبي وولعي ودراستي واهتمامي بالمسرح والسينما، ومعلوماتي عن صالات السينما في دمشق ومنهم سينما الكرمل، وامنيتي ورغبتي الدفينة بعمل شيء أو فعل عنها..
وعن دورها وتأثيرها الهام بكل ماذكرته عنها وعن الفيلم الأول الذي أتذكر انني شاهدته فيها وكان فيلم ( عفريته هانم ) من بطولة الموسيقار الاستثنائي الراحل ( فريد الأطرش ) الذي سيصبح ” حبيب” قلب أمي “من جوّه” وقلبي أنا من ” جوّه وبرّه”..
منذ ذلك الوقت وأمول وأنا لدينا الرغبة في إنجاز هذا الشيء الخاص، و لعل أبرز العقبات التي واجهتنا هي، صعوبة العثور ولو على ( صورة فوتوغراف) لواجهة السينما أو عن المادة المصورة، لبعض الندوات والحفلات والمناسبات التي احيتها غالبية الفصائل الفلسطينية بالسينما.. بالرغم من امتلاكي انا وباقي أفراد عائلتنا الكثير من الصور الشخصية أمام السينما وداخلها، لكنها “ذهبت مع ريح” التدمير والتهجير والحرق والتعفيش التي تعرض لها مخيم اليرموك..
ولا أنسى وانا احدثكم عن سينما الكرمل، أننا في فترة ليست بعيدة فكرنا بفكرة بتنفيذ فكرة أمول الخلاقة وهي انجاز عمل آخر ربما يكون ” كتاب” عن سينما الكرمل..
والليلة ومنذ اكثر من ساعتين عدنا وطرحنا الموضوع نفسه وتوصلنا للتالي :
وهو توجيه نداء ورجاء من قلب وروح وعقل ” عاشقَين” ينتميان مع الكثيرين من الحبايب بتحقيق وتأسيس حلم وأمل منشود وهو ( دولة العاشقين ) وايضا لكل من يعنيهم الأمر بإنجاز الفيلم او العمل المسرحي المنشود، بتزويدنا بأي شيء يراه مفيدا ومناسبا لهذا الموضوع..
موضوعنا لن يقف عند هذا الحد، بل ساتابع ( حكاية سينما الكرمل ) والكتابة عنها ب ” حروف الذاكرة ووهجها”..
وهي اولا وأخيرا ( حكايتنا ) لن نسمح لا ان تطويها ” نعمة النسيان” ولا أن تدفن وتلغى تحت آثار وجرائم طائرات ودبابات ومدفعية نظام ” التتار والمغول” الجدد…؟ ؟!
وتعيشي يابلدي يابلدي تعيشي
المصدر: صفحة محمود خزام