تشهد بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وأحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود، جنوبي دمشق، حالة فلتان أمني واسعة عقب خروج الشرطة العسكرية الروسية وتسليمها لفروع الأجهزة الأمنية، والمليشيات الموالية للنظام.
مصادر “المدن” قالت إن عمل الروس يقتصر على إدخال دوريات يومية، صباحاً ومساءً، لمدة نصف ساعة تعود بعدها إدراجها إلى دمشق، من دون أي انتشار أو مراقبة لحركة مليشيات النظام، أو منع تدخل أجهزة المخابرات، كما جرى في الفترة الأولى من انتشار الشرطة الروسية.
مصدر مقرّب من الجانب الروسي، قال لـ”المدن”، إن “أوامرَ صدرت عن قاعدة حميميم العسكرية الروسية، بانسحاب كافة المجموعات العسكرية المنتشرة ضمن بلدات التسويات في ريف دمشق، واقتصار عملها على تسيير دوريات في تلك المناطق بشكل يومي، دون التدخل في عمل الفروع الأمنية أو المليشيات والقوات المسؤولة عن حماية تلك المناطق”.
وأضاف المصدر أنه ليس مُصرّحاً للدوريات الروسية التدخل بعمل فروع أجهزة النظام الأمنية، أو وقف اي انتهاكات بحق المدنيين في مناطق “التسويات” والتهجير القسري. وأكد المصدر لـ”المدن” أن دور الشرطة العسكرية الروسية في تلك الدوريات هو “الوقوف على حال المنطقة على الأصعدة الأمنية والاقتصادية، ومراقبة عمل المحافظة والوزارات وعلى رأسها وزارة المُصالحة القائمة على أمور التسويات، ولكن من دون التدخل بعمل الفروع الأمنية”.
وبحسب المصدر، فإن كل من ليس لديه ارتباطات مع جهات “إرهابية” تمت “تسوية وضعه” من دون أي عوائق، وبحماية الروس، وأعطي مهلة ستة أشهر في حال كان من المطلوبين للخدمة إلزامياً أو احتياطياً. أما من “تورط سابقاً مع الفصائل وعلى دراية بمعلومات تُعتبر عسكرية سرّية، فعلى القوى الأمنية، التعامل معه، خاصة أن المنطقة كانت تضم داعش، الذي ترك وراءه نساء وأطفال كمدنيين أجروا تسوية بشكل رسمي”، بحسب المصدر المُقرّب من الجانب الروسي.
وأضاف المصدر: “المليشيات الشيعية تقدمت بوعد رسمي للروس بعدم التعرض لأبناء تلك المناطق، والعمل عبر رجال الدين السنّة والشيعة على تحسين العلاقة والسماح بفتح الطريق من تلك البلدات نحو السيدة زينب، وإعادة تأهيل بعض المناطق التي كان يقصدها زوار مقام زينب، من فنادق ومنتزهات، الأمر الذي سهل عملية خروج الروس بعد استقرار المنطقة إلى حد ما”.
وكانت بلدة يلدا قد شهدت في 26 تموز/يوليو، عملية دهم تسببت باعتقال امرأة قيل إنها كانت على تواصل مع زوجها الذي نفذ عملية انغماسية في السويداء. “فرع الدوريات” أكد لـ”لجان المُصالحة” والقائمين على المنطقة وجود اتصالات بين “دواعش” من مخيم اليرموك نفذوا عمليات انتحارية في السويداء، وذويهم المقيمين جنوبي دمشق.
وشهدت بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم حملات تفتيش طالت عشرات المنازل والأراضي الزراعية الخاصة، شملت عمليات حفر أُخرجت على إثرها كميات من الأسلحة، وأدت إلى اعتقال أصحابها بشكل مُباشر بسبب عدم تسليمها والإبلاغ عنها. وتتم معرفة أمكنة السلاح المدفون عبر أعوان النظام الذين تطوعوا في صفوفه بعدما كانوا ضمن الفصائل المُسلحة المُعارضة.
ولم تكتفِ مخابرات النظام بحملات التفتيش والدهم التي تخلف غالباً اعتقالات في صفوف مدنيين كانوا قد قاموا بـ”تسوية أوضاعهم”، بل أن جهاز الاستخبارات العسكرية الذي تولى أمر “التسويات” في المنطقة رفض إعطاء “التسوية” لقرابة 200 شاب بذريعة “عدم تقديم المعلومات الصحيحة خلال التحقيق والتسوية الأولى”، وطالبهم بمراجعة “فرع المنطقة” لـ”إعادة التحقيق وإقامة تسوية جديدة”.
ما أقدم عليه جهاز “الأمن العسكري” أثار غضب الأهالي و”لجان المُصالحة”، الذين طالبوا بإعادة “التسوية” ضمن تلك البلدات، وعدم مراجعة الشباب لفروع الأجهزة الأمنية. وتمّ تقديم شكاوى للجانب الروسي ووزارة المُصالحة، وإرسال طلب رسمي إلى “فرع المنطقة” للموافقة على إعادة “التسوية” لهؤلاء الشباب في مناطقهم. وقدّمت “لجان المصالحة” ضمانات باعتراف الشباب، بكل ما لديهم، إذا ما تم ذلك.
رفض النظام لـ”التسويات” ومواصلة المُداهمات على بلدات الجنوب الدمشقي دفعت عشرات الشبان للتطوّع في قوات النظام أو الأجهزة الأمنية. وهذا أسلوب بات يتبعه النظام في مناطق “التسوية” التي سيطر عليها مؤخراً: الترهيب وبعض الترغيب. وبهذا يتطوع العشرات قبل انتهاء مهلة الشهور الستة. وتشير مصادر “المدن” إلى أن 22 ألف شاب انضموا إلى قوات النظام ومليشياته الرديفة، منذ آذار/مارس 2018، في الغوطة الشرقية وجنوبي دمشق.
الفلتان الأمني في الجنوب الدمشقي يتواصل أيضاً عبر استمرار “تشبيح” عناصر مليشيات النظام، وتنفيذهم عمليات سرقة وابتزاز علنية للأهالي وإجبارهم على دفع أتاوات مقابل الدخول إلى منازلهم المُدمرة. كما تستمر عمليات “التعفيش” أمام عيون أصحاب المنازل، من دون وجود شرطة عسكرية روسية توقف المُعفشين، كما حصل قبل ثلاثة شهور.
المصدر: المدن