كشفت تقارير عن وضع أنقرة خطة لخروج آمن لفصائل مسلحة من محافظة إدلب السورية في مسعى لتفادي «حمام دم» قد ينجم عن هجوم كبير لقوات النظام السوري.
وبحسب ما ذكرت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية أمس (الجمعة) تزامنا مع القمة الثلاثية الإيرانية الروسية التركية في طهران، تقضي الخطة بأن يقوم 12 فصيلا مسلحا، منها هيئة تحرير الشام (التي تشكل جبهة النصرة أكبر مكوناتها)، بتسليم أسلحتهم وسيتم إجلاؤهم من المحافظة. وأضافت أنه سيتم تأمين خروج آمن للفصائل إلى «منطقة عازلة» تحت إشراف المعارضة المعتدلة، بشرط أن يسلموا أسلحتهم لتحالف واسع من فصائل معارضة تدعمه أنقرة. وذكرت أنه سيسمح للمقاتلين الأجانب في المجموعة بالعودة إلى بلدانهم إذا أرادوا ذلك، لكن الفصائل التي ترفض إلقاء السلاح والإجلاء سيتم استهدافها في عمليات مكافحة الإرهاب. وكما في مناطق أخرى تسيطر عليها فصائل سورية مسلحة مدعومة من أنقرة، ستقوم تركيا في وقت لاحق بتدريب مقاتلين لضمان أمن إدلب. وتتضمن الخطة أيضا أمن قاعدة حميميم العسكرية الروسية في محافظة اللاذقية وكذلك ثروات المعادن في المنطقة. وأضافت تركيا، التي صنفت جبهة النصرة وتنظيم القاعدة على قائمة الإرهاب، هيئة تحرير الشام إلى القائمة الشهر الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن محللين يتوقعون أن أنقرة ستكون مستعدة لقبول هجوم محدود للنظام بدعم روسي ضد فصائل متشددة في إدلب، وإن تركت مسألة السيطرة على المحافظة على المدى البعيد، مفتوحة في الوقت الحاضر.
وتخشى تركيا أن يتسبب هجوم كبير على إدلب بتدفق للاجئين عبر حدودها، وحذرت من أن حلا عسكريا من شأنه فقط أن يسبب «كارثة»، وأجرت مفاوضات مكثفة لأسابيع مع روسيا لتلافي هجوم لا يفرق بين الجماعات المتشددة وغيرهم. ويشدد مسؤولون روس على ضرورة إخراج المسلحين من إدلب. وأقوى جماعة متشددة هناك هي هيئة تحرير الشام بقيادة جبهة النصرة سابقا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن قدرة تركيا على استقبال اللاجئين بلغت أقصى مداها، في مؤشر على إحجام بلاده عن استقبال المزيد من اللاجئين في حال حدوث تدفق من إدلب التي يقدر سكانها بنحو 3.5 مليون نسمة.
واجتمع رؤساء تركيا وروسيا وإيران في طهران أمس لبحث مصير إدلب فيما تستعد فصائل متنافسة هناك لما قد تكون آخر معركة كبيرة في الصراع مع النظام.
وقال إردوغان في كلمة خلال قمة طهران إن أي هجوم على إدلب سيؤدي إلى كارثة وسيدفع ملايين المدنيين صوب الحدود التركية. وتستضيف تركيا بالفعل 3.5 مليون لاجئ سوري.
وشدد إردوغان على ضرورة إعلان وقف إطلاق نار في محافظة إدلب لطمأنة المدنيين. مضيفا أن إعلان وقف إطلاق النار سيكون من أهم خطوات القمة وسيطمئن ويُريح المدنيين بشكل كبير جدا.
ولفت إردوغان إلى أن مجموعات من المدنيين بدأت بالفعل في النزوح من المدينة وأن الجهة الوحيدة أمامهم ستكون تركيا. وأكد أهمية إدلب ليس فقط بالنسبة لمستقبل سوريا السياسي بل أيضاً بالنسبة للأمن القومي التركي وأمن المنطقة بأكملها. وتابع إردوغان: «لا يمكننا أن نرضى بترك إدلب تحت رحمة نظام الأسد الذي ما تزال مجازره ضد شعبه حاضرة في أذهاننا.. إدلب هي المنطقة الأخيرة المتبقية من مناطق خفض التصعيد، والمعارضة باتت تشعر بتعرضها للخداع عقب التطورات التي حدثت بعد تأسيس تلك المناطق»، مشيراً إلى أن أنقرة التي أخلصت في هذا المسار ترى أن الأمور تنزلق نحو نقطة خطيرة للغاية.
وأكد إردوغان على أن تركيا لا تريد أبداً أن تتحول إدلب إلى بحيرة دماء، وأنها تنتظر من طهران وموسكو دعم جهودها في هذا الاتجاه، وأن تركيا مصممة على حماية وجودها في المنطقة لحين ضمان وحدة سوريا السياسية والجغرافية والاجتماعية بالمعنى الحقيقي. وطالب إردوغان بإظهار إرادة مشتركة في النقاط المتفق عليها بخصوص اتفاق أستانة، وهذه النقاط هي ضمان الوحدة السياسية لسوريا ووحدة التراب، وإيجاد حل سياسي وسلمي للخلافات.
في المقابل، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعارض أي وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، لأن متشددي جبهة النصرة وتنظيم داعش المتمركزين هناك ليسوا طرفا في محادثات السلام.
وطهران وموسكو هما الداعمتان الرئيسيتان للرئيس السوري بشار الأسد وساعدتاه على تغيير مسار الحرب ضد مجموعات مختلفة من فصائل المعارضة التي تتراوح بين مقاتلين يدعمهم الغرب ومتشددين، أما تركيا فهي داعم أساسي للمعارضة. لكن الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى لها يد في الصراع غابت عن قمة طهران.
المصدر: الشرق الأوسط