أحمد مظهر سعدو
أشار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف مؤخرًا إلى أن “العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، شارف على الانتهاء”، وهي اللجنة التي تدعمها الأمم المتحدة من أجل (إطلاق عملية سلام شاملة)، وتضم في عضويتها ممثلين عن النظام والمعارضة وممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات المحلية وتتكوّن اللجنة الدستورية من 45 اسمًا من السياسيين والحقوقيين السوريين، وهي مُقسّمة على ثلاثة أثلاث، الثلث الأول يمثّل 15 شخصية من النظام السوري، والثلث الثاني يتكوّن من 15 شخصية من المعارضة السورية، في حين يتكوّن الثلث الثالث من 15 شخصية من المجتمع المدني السوري والمنظمات المحلية. حسبما يجري الحديث عنه.
هذه المسألة باتت الشغل الشاغل للكثير ممن يتعاطون السياسة السورية، لكثرة المماطلات والتسويفات والمعوقات. جيرون سألت بعض أعضاء لجنة التفاوض وكتاب وسياسيين ومحامين سوريين وفلسطينيين عن إمكانية أن تتشكل بالفعل هذه اللجنة في القريب العاجل؟ وهل ستؤتي أي أكل فيما يتعلق بعملية الانتقال السياسي المفترضة؟
المحامي والباحث الفلسطيني السوري أيمن أبو هاشم والمنسق العام لتجمع مصير قال لجيرون
” أعتقد أن الأطراف الثلاثة الضامنة لاتفاق أستانة تريد خروج اللجنة الدستورية بأسرع وقت من حيز التشكيل إلى الاعلان عنها، لأن حسم هذه المسألة سيوجه رسالة من هذه الدول إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بأنها ملتزمة بالعمل على مسار الحل السياسي، وأنها ليست عقبة أمامه، لاسيما أن التأخير في التوافق على اللجنة كان محل تساؤل كبير خلال فترة عمل ديمستورا”. لكن أبو هاشم تحدث عن تحدٍ كبير مفاده” أن التحدي الحقيقي حتى لو تم إعلان اللجنة خلال الأيام القريبة القادمة كما هو متوقع، يتمثل في صعوبة الركون إليها أو التعويل عليها لتحقيق انتقال سياسي جدي في سورية، لأن أي تغيير دستوري في ظل بقاء هذا النظام الديكتاتوري وفي ظل قبضته الأمنية على أنفاس السوريين سيكون شكليًا وعديم الجدوى طالما أن العملية السياسية تتجاوز استحقاق بناء آلية واضحة للانتقال السياسي، كما نصت عليها القرارات الدولية بصورة واضحة، وهذه بالتحديد مشكلة اللجنة الدستورية من الناحية الواقعية والموضوعية”.
المهندس أحمد العسراوي عضو لجنة التفاوض والعضو المقترح للجنة الدستورية قال لجيرون
” أود أن أكون متفائلًا بالقدر الكافي، لأتمكن من المتابعة الموضوعية لمجريات الأحداث الدائرة على الساحة السورية وحولها، فالعمل على تشكيل اللجنة الدستورية لا زال يصطدم ببعض المعيقات. وعندما يقول وزير الخارجية الروسي بأن تشكيل اللجنة الدستورية قد شارف على الانتهاء، وهذا إن تحقق فهو خطوة مفيدة إلى الأمام، وهو يعني أنه قد بدأت إزالة المعيقات من الطريق. أما حول تشكيلة المثالثة بغض النظر عن العدد الإجمالي، فهناك ثلثين قد تم اعتمادهما وفق المعلومات المتوفرة لدينا (هيئة التفاوض السورية)، وهما الثلث الذي سميناه ممثلاً لكافة مكونات الهيئة، والثلث الذي سماه النظام. أما الثلث الثالث الذي فوضت الأمم المتحدة بناءً على القرار 2254 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري (سوتشي) بترشيح أعضائه، لم يعتمد حتى هذه اللحظة وفق معلوماتنا.” ثم أضاف العسراوي ” نعم ستتشكل اللجنة الدستورية، وستكون مقبولة من كل الأطراف بالقدر اللازم، لكن هذا قد لا يكون سريعًا، وبكل الحالات فالاختراقات للتقديرات ممكنة. خاصة وأن التأثيرات الدولية على الملف السوري لم تعد خافية على أحد. وهناك عدة مواقف تؤثر في العملية السياسية التفاوضية التي لن تكون ناجحة أو مفيدة دون الانتقال السياسي، أولها مطالب الشعب السوري المحقة بضرورة استعادة حريته وكرامته، والعدالة الاجتماعية والمساواة بالحقوق والواجبات بين أبنائه على مختلف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الاثنية أو الطائفية ، وثانيهما تمسك هيئة التفاوض السورية كممثلة رئيسية للمعارضة السورية بأهداف الثورة وضرورة تحقيقها وترابطها العضوي مع مكوناتها، وثالثها التزام الأمم المتحدة من خلال السيد غويتيرس الأمين العام، والسيد غير بيدرسون المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، بتحقيق الحل السياسي بمرجعية بيان جنيف 2012 والقرارات والبيانات الدولية ذات الصلة بالمسألة السورية، وخاصة منها القرار 2254 لعام 2015 الذي يحوي جدول الأعمال للعملية السياسية التفاوضية والخطوات التي تؤمن توفير إجراءات بناء الثقة المتبادلة، بداية بالإفراج عن المعتقلين والمخطوفين وبيان مصير المفقودين والعودة الآمنة والطوعية للمهجرين والنازحين إلى مناطق سكناهم الأساسية . وهذا لا يعني أن المعيقات التي يضعها النظام وداعميه قد زالت.”
أما المحامي السوري علي محمد شريف فقد أكد لجيرون بقوله ” بات من المؤكّد أنّ العمليّة السياسية في إطار حلّ المعضلة السورية رهن للإرادات الدولية والإقليمية المتصارعة، وأنّ الكيانات السورية بكلّ تجلياتها خارج حساباتها وبعيدة ً عن أيّة فاعلية أو حضور. ما يقف دون انطلاق التسوية السياسية هو غياب التوافق على السيناريو الذي يرضي الأطراف اللاعبة على الجغرافيا السورية، وهو إن حصل فإنّ الخطوات اللاحقة الميدانية والسياسية، ومنها تشكيل اللجنة الدستورية، ليست أكثر من ديكور فاقع وإخراج سيء للسيناريو المتفق عليه” وتابع شريف يقول ” ستتشكل اللجنة الدستورية في ظلّ الضعف والانقسام والتشرذم الذي يحيط بكلّ من قوى المعارضة والنظام المجرم، وأيضًا ما يسمّى بالمجتمع المدني إذا ما توافقت الدول الفاعلة في الملف السوري على ما يحقق أطماعها ومصالحها. لكنّ السؤال عن شرعيّة هذه اللجنة وأهمية عملها وقيمته، وعن مشروعيّة منتوجها ومدى صموده في المستقبل القريب، خاصة إذا جزمنا بداهة بأنّ أعضاء هذه اللجنة، شاء بعضهم أم أبى، ليسوا أكثر من ممثلين عن الأطراف التي عيّنتهم وأنّ مهمتهم ليست أكثر من التوقيع على ما توافقت عليه هذه الأطراف، هذا إن لم يكن الدستور المزمع إنجازه قد أنجز فعلًا. إنّ صياغة الدستور هو عمليّة وطنية تأتي أهميتها من كونها شرط تحقق لإرادة السوريين ولرؤيتهم في التغيير الديمقراطي، وفي وطن يتمّ بناؤه على أسس وطنيّة تتحقق وفقها أهداف ثورتهم المشروعة بالعدالة والحرية والكرامة، وينبغي أن تكون صياغة الدستور مبنيّة على التوافق بين مكونات الشعب السوري في إطار انتقال سياسيّ حقيقي، وضمن الأصول والآليات التي تضمن شرعيّته وتجسد آمال الشعب السوريّ وإرادته الحرّة، وهذا ما يستدعي التمسك بتطبيق القرار 2254 وفق محددات مقررات ومبادئ جنيف1 “.
الدكتور عبد الرزاق علوش ابن الثورة السورية له رأي مختلف إذ قال لجيرون ” لا أعتقد ولن تؤدي هذه اللجنة إلى تقديم أي حل، لأنها تمثل النظام فقط، فالمعارضة هي وجه آخر للنظام، وكذلك ٥٠ من شخصيات المجتمع المدني يمثلون النظام، إن أي لجنة دستورية تشكل قبل إسقاط النظام ورحيله بالكامل، ولن تؤدي أي لجنة دستورية عملها من أجل مصالح الشعب السوري “. وتساءل علوش ” هل قامت الثورة من أجل تغيير الدستور، أم ثورة على النظام الفاسد واقتلاعه من جذوره. كما أن السوريين لديهم دستور ١٩٥٠ الذي عطله حافظ أسد وألقى به في مهاوي الردى بقانون الطوارئ، وليس هناك فراغ دستوري في حال إلغاء حالة الطوارئ”.
أما علي قسوم ناشط في الثورة السورية فقال لجيرون ” للأسف إن تشكيل اللجنة الدستورية ليس بيد السوريين، بل هو نتاج تفاهمات دولية، وعندما تتوفر الإرادة الدولية تشكل اللجنة خلال يوم واحد، وتشكيل اللجنة هو عبارة عن مرحلة من مراحل تمييع الثورة وأهدافها، والفترة الزمنية ليست قريبة ربما بعد ست أشهر، وهذه اللجنة عاجزة عن تحقيق أي تقدم، بل أقول سيكتب الدستور الروس وسواهم ومهمة اللجنة فقط الموافقة عليه”.
المصدر: جيرون