أحمد مظهر سعدو
تتمايز المعلومات من دمشق وريفها بما يخص إمكانية عودة المهجرين من أراضيهم ومنازلهم، وخاصة في مناطق الريف الغربي /وادي بردى، والأخص منه بلدتي بسيمة وعين الفيجة، هاتين البلدتين اللتان عانتا الكثير من العسف والاعتقال والتهجير القسري، وهدم المنازل، ومصادرة الأملاك. والمعلومات تشير إلى أن النظام السوري يمنع عودة أهالي وادي بردى، وخاصة بسيمة وعين الفيجة، وهو ما أكده قرار ما يسمى “مكتب الأمن الوطني”، في العاصمة دمشق، بعدم الموافقة على عودة 115 مدنيًا بينهم أكثر من 30 امرأة لأنهم مطلوبين للأجهزة الأمنية. القرار وافق على عودة 68 شابًا مشترطًا (تسوية أوضاعهم) بما يخص الخدمة العسكرية. القرار وافق أيضًا على عودة 13 من هاتين البلدتين مشترطًا قيامهم بمراجعة الأجهزة الأمنية و(تسوية أوضاعهم). ولم ترد أسماء 50 شخصًا في قوائم (الأمن الوطني)، وهم من كبار السن وفقًا للمصدر، و(لا مانع من عودة أولئك) إلى مناطقهم، بحسب المصدر.
مصير سألت بعض الشخصيات الفاعلة من أهالي وادي بردى: إلى أي حد يمكن أن يكون ذلك مؤكدًا؟ وهل سيستمر منع أهالي وادي بردى من العودة؟ ومن ثم هل مازال سكان الوادي يصرون على العودة رغم التخوف من الاعتقال؟ ولماذا يتعامل النظام السوري أصلاً مع مدنيي وادي بردى بكل هذا التشدد؟
سالم نصر الله رئيس المجلس المحلي السابق في بلدة بسيمة قال “النظام السوري بكل أركانه يعمل منذ نشأته للسيطرة على كل الموارد الطبيعية والطاقة الكهربائية والتغذية، والامساك بالمسائل العسكرية، تحسبًا من قيام الشعب ضده، فهو يعرف من أين تؤكل الكتف، وقد صدر بحق أهالي عين الفيجة عدة قرارات سابقة، من أجل نقلهم إلى مناطق أخرى، ولكن معارضة الأهالي كانت تحول دون ذلك، ثم صدر قرار عن (مجلس الشعب) بعد هذا بمنع تراخيص البناء. وأصدر قرارات أخرى بهدف التضييق على الأهالي، من أجل الإبتعاد عن حوض المياه، وتوسيع حرم النبع وحرم الأنفاق، حتى تضيق المناطق السكنية، ويضطر الساكنين إلى الابتعاد عن الحرم، بحجة تلوث المياه. وبعد قيام الأهالي باستخدام المياه، ردًا على إجرام النظام، بعد أن قصف المدنيين العزل، واتهمهم بالإرهاب لكي يكون له حجة بتطبيق إبعاد السكان الأصليين وأصحاب الأرض، من المعارضين لحكمه. هو يقوم بإصدار قوائم حتى يمنع من بقي معه بمراجعة الأفرع الأمنية، وكلنا يعلم الخوف من الأجهزة الأمنية، ومدى الرعب منها” وأضاف نصر الله ” لذلك لن يبقى هناك من أبناء القريتين عين الفيجة وبسيمة، وكل من وقف ضده، أن يرجع في الوقت القريب، ومن بقي ممن سيرجع في المستقبل سيكونون أقلية، وتبقى المنطقة فارغة على المدى الطويل، ويستطيع اختيار من يسكن في هذه المنطقة بعناية فائقة، ومن سيكون من أهل القرى لن يرفع رأسه خوفًا من اعتقاله، أو إخراجه مرة أخرى، وبذلك يلقن القرى المجاورة درسًا قاسيًا، ولن يجرؤ أحد على الوقوف ضده إن بقي في الحكم. وقد كنت أسمع من البعض منهم وعلى الهاتف أيام القصف والحصار، أنهم يعملون على إبادة أهل وادي بردى، فمن قصفهم وهجرهم ودمر منازلهم واتهمهم بالإرهاب ليس غريبًا عنه أن يفعل ما يشاء بهم”.
الناشط أحمد معتوق من وادي بردى قال ” ” “”المعلومات التي أوردتها بالسؤال صحيحة. والشروط التي يطلبها النظام من الأهالي صحيحة. ويتابع النظام اعتقالات الأهالي من سكان بسيمة وعين الفيجة، وهم مازالوا مشردين ببعض القرى المجاورة، وعندما يمر أي منهم على حواجز المنطقة يتم اعتقاله، علمًا أن أكثرهم معهم أوراق المصالحات، وكان آخرهم ابن مختار بسيمة وهو مؤيد، أما بالنسبة للممنوعين من دخول الوادي فأكثرهم من تم تهجيرهم لمحافظة ادلب، ومنهم لايزالون في قرى متفرقة بالوادي “. ونبه معتوق إلى أن ” إصرار النظام على إبعاد أهل وادي بردى عن بلداتهم له عدة أبعاد عند النظام، ويعود هذا الحقد على أهالي بسيمة وعين الفيجة منذ بدء الثورة، عندما أرسل الفرقة الرابعة ليحتلوا نبع الفيجة، فتصدى لهم ثوار بسيمة ودارت معركة بينهم، واستطاع الثوار الدفاع عن عين الفيجة والوادي، وخسر النظام ضابط كبير جدًا وعددًا من الجنود، واستشهد ثمانية من الثوار، وخسر النظام الوادي وخسر سيطرته على نبع الفيجة، وبعد ذلك حاول استرداد هيبته بعدة طرق ولم يستطع، فحمل حقدًا كبيرًا وجيَّش حلفاءه الروس والإيرانيين وحزب اللات واعتدوا بكل أسلحتهم وحقدهم على البلدتين حتى دمروهما تمامًا، وأصبحتا غير صالحتين للسكن، والآن يكذبون على بعض الأهالي ويعدوهم بالعودة لبلدانهم غير الصالحة، ويطلبون منهم شروطًا تعجيزية، لأن مخطط النظام وحزب اللات أن يبقى وادي بردى مفرغًا من أهله الثوار، ليكون الوادي امتدادًا للحدود اللبنانية المسيطر عليها من قبل الحزب .” وتساءل معتوق ” لماذا هذا الحقد على أهالي وادي بردى” وأجاب ” له تاريخ طويل يتحدث عن صمود أهل الوادي بوجه الغزاة، وأذكر واحدة فقط. إذ أنه وإبان الاحتلال الفرنسي لسورية دخلت قواته لكل سورية ماعدا وادي بردى، واستطاع ثوار تلك المرحلة أن يصدوا الفرنسيين في معركة الزينية المشهورة، وفي نفس المكان عام 2011 صد الثوار في بسيمة قوات الأسد عن احتلال الوادي. وإرادة أهل وادي بردى من إرادة الله وسيبقى من بقي منهم ثائرًا على العصابة الحاكمة، ومن يدعمها حتى يعود الحق لأهله، وسنحرر وادينا من كل محتل، فكل السوريين وبكل بلداتهم مصممين على تحرير سورية من أي احتلال أو مستبد، وسنكمل المشوار إن شاء الله”.
أم محمد نصر الله ناشطة من وادي بردى قالت ” لقد وردت إلينا أسماء الممنوعين من الدخول إلى بسيمة وعين الفيجة، ومنهم من تجب عليه مراجعة الأفرع الأمنية، لكن لا نعرف مدى صحة هذه المعلومات، فبعض الأسماء ممن يقفون على حواجز للنظام، ومنهم من هو معروف بأنه شبيح وعميل لهم، وبعض الأسماء من الناس العاديين وكبار السن”. وأضافت نصر الله” أنا أعتقد أن النظام لن يعيد الأهالي للمنطقة أبدًا في هذه الفترة كلها، إنها وعود كاذبة واستهتار بمشاعر الناس وللأسف مازالوا يصدقون هذه السخافات التي يطلقها أعوانه بأنهم ينظفون المنطقة من مخلفات الارهابيين ويزيلون الأنقاض، لأنهم مازالوا يدمرون بعض الأبنية المحيطة بحرم النبع ولا مؤشر أبدًا لما يدعون ويزعمون بعودة الأهالي.”
أما الناشطة من وادي بردى نعيمة حمدان فاكتفت بالقول ” ما أعرفه أن أهالي بسيمة وعين الفيجة لم يسمح لهم حتى الآن بالرجوع إلى الوادي”.