محمد سعدو
السؤال المفترض أن يكون حاضرًا في تفكيرنا وأذهاننا الآن، وهو لماذا وإلى الآن مازال هذا المعتوه ممسكًا متشبثًا بالكرسي، معاندًا العالم وشعبه عن الرحيل.
ما نراه من سقوط متتالي للطغاة العرب، داخل الأرض العربية، وفي خضم ربيعنا الثائر والمستمر من الجزائر وحتى السودان مؤخرًا، والخروج الجماهيري الشعبي العارم المبهر كسر حاجز الخوف منذ زمن وهو الذي أراد الحرية والاصلاح والعدالة لبلاده، وتمريغ رؤوس الفاسدين والطغمة العربية الحاكمة الجاثمة على صدورنا منذ أعوام.
وما إن تعمقنا في ماهية السؤال المطروح أكثر ولاسيما ما نراه من أحداث أخيرة، وتهاوي عروش المستبدين، نسأل أنفسنا متى وإلى أين ولماذا تأخر سقوط الأسد إلى الآن؟؟
فنجد الجواب الحقيقي يعود إلى عدة عوامل أدت إلى ما أدت إليه من تأخر اندثار هذا المجرم.
وليس ذلك لما يتمتع به من قوة تجعله عصيًا على السقوط أو التنحي. ولكن ذلك يعود لعدة أسباب وعوامل في الواقع، أو لخطط واستراتيجيات أعد لها النظام بخبث للخروج من هذا المأزق الذي وقع فيه وإعادة فرض سلطته وبطشه من جديد.
هذه العوامل منها ما يتعلق من تشتت غير مسبوق قد حصل داخل الجسم السياسي المعارض أو الجسم العسكري الثوري، أو في ما قد حدث من تفشي سرطان المجموعات المتطرفة والمتشددة، التي دخلت على المشهد ونهشت قدر المستطاع (مع الأسف) في مسار القضية السورية وأساءت بشكل أو بآخر إلى مطالب الشعب السوري، وإلى الثورة السورية التي كانت أولى همومها وأولى أولوياتها ومطالبها الأساسية كسر جبروت هذا النظام وإبعاده عن الوطن السوري.
وهنا نقف أمام العامل المهم نسبيًا وهو تآمر المجتمع الدولي والاستخفاف بالسوريين، وخذلانهم وإعطائهم الوعود تلو الوعود والاستنكارات والشجب، وفي النهاية تركهم وحيدين في الساحة، وبكل تأكيد كان قد أثر ذلك على الصورة بشكل عام.
وأيضًا التحالف الروسي السوري الايراني الذي لا يخفى على أحد بمد وإعطاء الدعم غير المحدود للأسد بقوة جبارة تحرق الأخضر واليابس، أمام من يقف في وجهها من قوة عسكرية أو أو مدنية. وهذا العامل ساهم في تأخير قضية السقوط.
حيث ارتمى الأسد في حضن الدب الروسي واستجلابه الى الساحة السورية والرضوخ له وسيطرته على الوضع بشكل أكبر. سياسيًا وعسكريًا
وعن قبوله عربيًا أو دوليًا وهل مازال من يؤيده ويقف معه. نرى أنه بالفعل مازال من يداعبه ويبرز له الدعم الخفي والمبهم، ولو كان من وراء ستار عبر بعض الأنظمة الخليجية أو من السيسي وغيره.
ويجب أن نعلم أيضًا أن اسرائيل وامريكا راضيتان الى حد ما على الأسد وعلى ما يفعله بمعنى أنه لم يشكل الخطر على أمن العدو الصهيوني، لذلك فهو في مأمن كامل.
العالم والمجتمع الدولي لم يجد بعد البديل المناسب للأسد ليشبع مصالحهم وغاياتهم ويؤمن لهم السلام والوئام كما كان بطل الممانعة يؤدي ذلك بتفاني واضح لكل متابع.
وفي النهاية إذا كان لدينا ثقة وتصور مؤكد بأن ما بعد البشير سيكون الأسد فيجب العمل على تدارك الأمر ومحاولة لم الصفوف واستعادة كل ما خسرناه سياسيًا وميدانيًا. وتجميع كافة القوى السورية المعارضة في مواجهة هذا المحتل.
لابد أن نري العالم أننا في إصرار وعزيمة بالغة وبصوت واحد وبروح واحدة متغلبين على كل الخلافات التي بيننا لأجل دحر النظام المجرم.
وبالتالي ستكون المرحلة المقبلة مليئة بالتغيرات التي سترضي هذا الشعب السوري العظيم الصامد الصابر المحتسب الذي أعطى ما لديه فداء للثورة وللقضية، واحترامًا منا لهذا الشعب علينا التحرك بجدية مطلقة، ومعرفة واجبنا الحقيقي وتصحيح المسار لتكون الإجابة الحقيقية: لن يبقى ولن يستمر ولن نسمح بذلك ما دمنا أحياء وقلبنا ينبض بالحرية والكرامة.