أمين العاصي
مضى أكثر من أسبوع على إغلاق النظام السوري المفاجئ لمعابر تربط مناطقه ببلدات شرقي نهر الفرات التي تسيطر عليها قوات “سورية الديمقراطية” والمعروفة اختصارا بـ “قسد”، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار بعض المواد التي ترد من مناطق النظام وأبرزها الخضار والفواكه.
ومن دون إنذار أغلق النظام مؤخراً معابر الطبقة، والهورة، والسبخة في محافظة الرقة، و”التايهة” في منطقة منبج الواقعة غربي نهر الفرات. وتعد هذه المعابر بمثابة شرايين حياة للمناطق التي تقع تحت سيطرة “قسد”، حيث كانت الحركة التجارية نشطة بالاتجاهين قبيل صدور هذا القرار الذي يندرج في سياق محاولات النظام الضغط على الإدارة الذاتية ذات الغالبية الكردية التي تدير هذه المنطقة.
وأكدت مصادر محلية في مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي التي تسيطر عليها قوات “قسد” في حديث مع “العربي الجديد” أن “أسعار الخضار ارتفعت بشكل كبير بعد إغلاق المعابر”، موضحة أن المنطقة كانت تعتمد على ما يأتي من خضار يزرع في بيوت بلاستيكية بمنطقة الساحل السوري.
وبيّنت، المصادر التي فضّلت عدم ذكر اسمها، أن حواجز “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد وهو شقيق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، هي المسيطرة على المعابر، مشيرة إلى أنها كانت تفرض إتاوات على السيارات العابرة على الطريقين الدوليين اللذين يربطان شرقي الفرات بمناطق النظام، للقادم من مدينة حلب، والقادم من مدينة حمص.
من جانبه، بيّن الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، سلمان بارودو، في تصريحات صحافية أن “إغلاق المعابر من قبل حكومة دمشق يهدف لزيادة نسبة الضرائب والإتاوات على البضائع الداخلة إلى مناطق الإدارة الذاتية لصالح القوات العسكرية الحكومية التي تدير المعابر”، وفق قوله.
في المقابل، تؤكد مصادر مطلعة أن إغلاق المعابر “هي الورقة الأخيرة التي يملكها النظام السوري من أجل الضغط على الجانب الكردي لتوريد كميات أكبر من المحروقات إلى مناطق النظام”. وتضم منطقة شرقي نهر الفرات كبريات حقول وآبار البترول وخاصة في محافظتي دير الزور والحسكة.
ويشتري النظام عبر وسطاء المحروقات من الإدارة الذاتية التي تورد المادة إلى مناطق فصائل المعارضة في الشمال السوري. ولا توجد أرقام رسمية أو تقديرية معلنة عن حجم التبادل التجاري بين النظام والإدارة الذاتية التي تسيطر على منطقة شرقي الفرات الغنية بالثروات منذ عدة سنوات.
من جانبه، يرجح الباحث الاقتصادي في مركز “جسور” للدراسات، خالد تركاوي، في حديث مع “العربي الجديد” أن يكون حجم التبادل التجاري بين الجانبين بحدود 200 مليون دولار سنويا، مشيرا إلى أن الطرفين (النظام والإدارة الذاتية) يتضرران من إغلاق المعابر.
وأضاف تركاوي: “لكن النظام السوري له سبل في الحصول على ما يحتاجه من شرقي الفرات وهو النفط الخام والحبوب”.
وأشار إلى أن الإدارة الذاتية مستفيدة من التعامل الاقتصادي مع النظام “لأنها تحصل على أموال مقابل ذلك”، مضيفا أنه في الآونة الأخيرة بدأت الإدارة الذاتية بتنويع مواردها، حيث فرضت رسوم عبور وضرائب من أجل تخفيف الاعتماد على النظام السوري، فضلا عن تمرير كميات من النفط والحبوب والقطن إلى العراق.
ويعتقد مراقبون أن النظام يعتمد منذ فترة طويلة على الحلول الإسعافية تارة من خلال معابر غير رسمية مع لبنان وتارة أخرى مع توريد المحروقات ومحاصيل زراعية ومواد متنوعة من مناطق الإدارة الذاتية.
ويرجح كثيرون أن يؤدي إغلاق النظام للمعابر إلى فقدان السوق لمثل تلك المواد بالدرجة الأولى، وبالتالي سيؤدي هذا لارتفاع الأسعار في مناطق النظام، ومن ثم سينسحب أيضاً على زيادة استغلال التجار للنظام والأسواق من جهة أخرى عبر السوق السوداء. وتابعوا: سيخسر النظام مورداً للدولار الذي يأتي من تلك المنطقة عبر الرسوم والإتاوات.
وتحاصر السوريين في مختلف المناطق أزمات معيشية خانقة أبرزها الغلاء ونقص السلع والخدمات الضرورية، إذ تقدّر الأمم المتحدة أن مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع، في حين أن 12.4 مليون شخص داخل سورية يكافحون لإيجاد طعام يسدّ رمقهم كل يوم، وفق برنامج الأغذية العالمي.
وتضاعفت نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أنحاء البلاد 33 مرة مقارنة بمتوسط خمس سنوات قبل الحرب، وفق برنامج الأغذية. بينما تؤكد منظمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن) أن 60% من الأطفال في سورية يواجهون الجوع، وفق الأمم المتحدة.
المصدر: العربي الجديد