تصل أعداد سكان بلدتي، كفريا والفوعة، ومقاتلي الميليشيات المتواجدين هناك، إلى الآلاف، تتحدث بعض وسائل الإعلام عن شمولهم جميعا بعملية الإجلاء المنتظر المباشرة بتنفيذها خلال الأيام القليلة المقبلة.
الباحث والاكاديمي السوري ياسر النجار، قال إن «ما يتم تداوله عبر وسائل الاعلام هو اتفاق سابق ماطل الجانب الإيراني في تنفيذه حتى الآن».
ولا يخفي النجار، مخاوفه من «تكرار سيناريو الريف الشمالي لحلب في إدلب حيث تم اشراك الميليشيات الإيرانية بذريعة فك الحصار عن البلدتين الشيعيتين هناك، نبل والزهراء، ونجح حينئذ بفصل المناطق المحررة في حلب بين ريفيها الشمالي والغربي»، وهو ما يتوقع «تكراره عند الوصول إلى كفريا والفوعة ما يشكل تهديدا لبلدة بنش ومدينة ادلب القريبة منهما جغرافيا».
وتحاول فصائل المعارضة من خلال «إعادة الروح لهذا الاتفاق واستكمال تنفيذ بنوده تحاشي احتمالات فتح مواجهة عسكرية ضمن ما يعرف باسم معركة ادلب، حيث هناك رغبة لدى قادة الفصائل بالتخلص من أي جيوب في عمق الأراضي المحررة لديها ترسانة عسكرية وأعداد كبيرة من المسلحين، منهم مقاتلين من حزب الله يمتلكون خبرة قتالية وجهوزية عسكرية ستشكل عبء حقيقيا لتواجدهم في رقعة جغرافية مهمة في بلدتي كفريا والفوعة».
وحسب المصدر الاتفاق «لا يتضمن بندا يسمح بإخراج الأسلحة المتوسطة والثقيلة من البلدتين، وهذا سيشكل مخزونا مهما قد تستفيد منه الفصائل في معارك قادمة بدلا من أن يستخدم ضدهم».
ويسن أن الاتفاق ما كان أن بتحقق لولا وجود المصلحة لدى الطرفين»، مرجحاً ان يكون «تم بوساطة من دولة عربية وأخرى إقليمية» دون أن يذكرهما بالاسم.
أما الأكاديمي السوري عمار المصري فرأى أن إجلاء سكان بلدتي كفريا والفوعة «جاء في هذا التوقيت ليرسم الملامح النهاية لإعادة التموضع الاثني في الشمال السوري المحرر».
وبين أن الاتفاق «هو الثاني الذي تشرف عليه هيئة تحرير الشام بعد اتفاق المدن الأربعة الذي كان من نتائجه في تغيير الخارطة الاثنية للمجتمع السوري على أساس التموضع الجغرافي».
وما دامت بلدتي كفريا والفوعة محاصرتين فان النظام سيتردد في المباشرة بأي عملية عسكرية ضد ادلب لاعتقاده ان هذه العملية سيكون لها رد فعل معاكس على سكان البلدتين ومسلحي الميليشيات فيهما.
ووفق ايمن حميدو، القائد المعارض السابق، عن أن الاتفاق الحالي هو «استكمال لاتفاق المدن الأربع».
وبين أن «النظام سوف لن يهاجم ادلب مستقبلاً لأنه سيكون ضمن دائرة القتل في منطقة خاضعة للحماية التركية»، مؤكداً أن «النظام لم يعد بحاجة لمعارك واسعة ويمكن له تحقيق ما يريد عن طريق المصالحات والتفاوض». ويتحدث ناشطون عن فوائد متحققة ومكاسب سياسية تقلص احتمالات قيام قوات النظام بهجوم عسكري واسع لفك حصار البلدتين، إضافة إلى الافراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين لدى قوات النظام، لكن آخرون يرون أن المعارضة فقدت أهم أوراق الضغط التي تملكها في منع النظام من القصف العشوائي لمدن المحافظة خشية تعرض البلدتين لقصف مضاد.
ولا توجد تأكيدات من قبل القيادات العسكرية في ادلب، على أن الإسراع في عقد الاتفاق الجديد جاء على خلفية التحضيرات لعمل عسكري للفصائل يستهدف كفريا والفوعة، أو الحديث عن استعدادات عسكرية للنظام لاقتحام مدينة ادلب بعد الانتهاء من ضبط الأوضاع في جبهة درعا واستكمال فرض سيطرته على المحافظة.
على الأرض، عززت فصائل «جبهة تحرير سوريا» خلال الأيام الماضية بعض مواقعها القريبة من البلدتين الخاضعتين لسيطرة ميليشيات معظمهم من أبناء البلدين تدعمها إيران.
وتخضع جميع مدن وبلدات محافظة ادلب لسيطرة الفصائل السورية، باستثناء بلدتي كفريا والفوعة، وسيعني إجلاء مسلحي البلدتين اعتبار المحافظة كاملة تحت سيطرة فصائل المعارضة، و» هيئة تحرير الشام» عسكريا ً. ومدنياً، ستكون تحت إدارة حكومة الإنقاذ التي تشكلت قبل أكثر من عام، وهي حكومة مرتبطة ” بهيئة تحرير الشام».
وسبق أن أبرمت الهيئة اتفاقات مع النظام لإجلاء عدد من سكان البلدتين مقابل السماح بخروج مقاتليها من مخيم اليرموك جنوب دمشق نحو إدلب.
وحافظت كل من كفريا والفوعة على هدوئهما واستقرارهما النسبي رغم أنهما ظلتا محاصرتين طيلة سنوات الحرب، لكن خلال الأيام الأخيرة، على ما يبدو وجهت الفصائل المسلحة في ادلب رسائل للنظام ولإيران التي ترعى الميليشيات المحاصرة بالتحشيد والتحضير لعمل عسكري يستهدف البلدتين الخاضعتين لاتفاقية المدن الأربع بين ممثلين عن الفصائل وإيران قبل اقل من عامين.
المصدر: القدس العربي