أعلنت الحكومة الأردنية وكذلك النظام السوري عن فتح معبر جابر / نصيب الحدودي بين سورية والأردن الاثنين تاريخ 15 تشرين أول/ أكتوبر 2018 بعد إغلاق تجاوز الثلاث سنوات ونيف، في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من ٧٠ ألف إنسان سوري من الحصار داخل مخيم الركبان الذي يقع على الحدود السورية الأردنية أيضًا.
ويبقى السؤال الأهم هل نسي المجتمع الدولي، وأيضًا الإقليمي والعربي معاناة أهلنا من الشعب السوري المحاصر في مخيم الركبان؟ وهل من حلٍ ممكن لواقعهم ومعاناتهم، وسط هذا المحيط الملتفت لمصالحه فقط، دون الاهتمام بما يقاسيه السوريين في الركبان وسواه؟
عن كل ذلك أجابنا بعض الباحثين السوريين حيث أكد الباحث الدكتور زكريا ملاحفجي لجيرون بقوله ” أعتقد أنه منذ التخلي الأميركي والدولي عن جنوب سورية وسيطرة الروس والنظام وفق حالة حرب وإجبار ثم مصالحات، فالنتيجة سعي النظام لفتح المعبر للاستفادة المادية التي يحرص النظام عليها، بأي طريقة، لكن النظام مكبل بمنع التعامل الاقتصادي معه من وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. عدا عن عقوبات اقتصادية مفروضة عليه. لهذا سيقتصر المعبر على حالة الترانزيت بمستوى محدود جدًا بحال بقيت العقوبات الاقتصادية ومنع التعامل”. لكنه تحدث عن المقابل وهو مخيم الركبان ليقول ” بنفس التوقيت وما حصل ويحصل في مخيم الركبان على حوالي 70 ألف مدني بحالة سيئة للغاية والمفروض أن مكاتب الأمم المتحدة الموجودة خارج سورية أو بدمشق/ الاوتشا وهي معنية بهذه الحالة الإنسانية، لكنها للأسف تقدم الدعم لمنظمات مقربة من النظام، يسرق النظام أغلبها حسب ما ذكرته تقارير أجنبية عديدة، ليبقى مخيم الركبان بلا اهتمام، وبلا تسليط ضوء حقيقي على الكارثة، وأعتقد أن هذا يحتاج إلى ضغط من كل مؤسسات المعارضة والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الإنساني، لتمارس ضغطًا حقيقيًا من أجل إسعاف الحالة في المخيم، ونقل المعاناة للمجتمع الدولي ويمكن بالتأكيد تحسين الحالة الموجودة في المخيم من خلال المساعدات العابرة للحدود أو حتى من دمشق باتجاه المنطقة”.
الباحث والاختصاصي النفسي عبد الرحمن دقو يرى” إن فتح معبر نصيب مع الأردن هو عودة الأمر الطبيعي لشريان اقتصادي يهم الشعب السوري والأردني وكل من يستفيد منه في ظل حالة الفقر والبطالة وتدني مستوى دخل الفرد في سورية. أما بالنسبة لمخيم الركبان الذي يقع على الحدود السورية الأردنية، فقد تعامى عنه المجتمع الدولي والاقليمي والعربي والمغيب دوره أصلاً كما أنه للأسف ليس هناك للشعوب دور بلا استثناء، في بيان مأساة المخيم الانسانية التي يعيشها سبعون ألفًا من السوريين المدنيين المحاصرين في صحراء يغيب عنهم أبسط مقومات الحياة الانسانية وكحق من حقوق انتمائهم لسورية كمواطنين، تلك الحقوق الاغاثية والتعليمية والصحية والاعلامية وحقهم في الرجوع إلى بيوتهم آمنين مطمئنين.”. ويؤكد دقو ” أن الجانب الروسي هو من يتحمل مسؤولية حل هذه الأزمة الانسانية بمختلف جوانبها فهو من رتب ويرتب واقع الحال على الأرض في سورية، وهو الذي يدعي حماية سورية والسوريين، ويعمل على عودة المهجرين منهم وبضمانته، وهو الذي يمسك أوراقًا إقليمية ودولية ذات صلة بالشأن السوري، كما أعتقد أنه على الفعاليات السياسية والاجتماعية والحقوقية السورية تحديدًا بمختلف أحجامها ودورها وأماكن تواجدها في العالم القيام بحملات إعلامية تبين تجاهل المجتمع الدولي تجاه التزاماته الانسانية والقانونية والعمل على تحميله مسؤولياته تجاههم، ويضاف إلى ذلك ضرورة بدء تلك الفعاليات بمؤسساتها القانونية والحقوقية برفع طلبات إلى مجلس الأمن الدولي للانعقاد بشكل عاجل، وبحث أوضاعهم بغية إنقاذهم مما هم فيه.”
الباحث الدكتور أحمد الحمادي يؤكد لجيرون أنه ” جاء فتح معبر جابر /نصيب الحدودي هذا الشريان الحيوي ﻻقتصاد البلدين والذي يشكل رئة مهمة للنظام يتنفس منها وتمده بعامل من عوامل قوته اﻻقتصادية ﻻستمرار بقائه متسلطًا على مقدرات الشعب السوري ومتحكمًا بحاضره ومستقبله. يأتي هذا الإجراء في الوقت الذي يتعرض فيه أهلنا في مخيم الركبان والذي يتجاوز عددهم أكثر من 70 ألف سوري لحصار خانق من قبل النظام وروسيا، بعد أن فروا بأرواحهم و أعراضهم طلبًا للنجاة من سطوة النظام القاتل، فالمخيم يتعرض لحصار مطبق وهو الواقع في منطقة صحراوية على الحدود اﻷردنية السورية من الجهة الشرقية فقام النظام بقطع الطرق المؤدية إليه مانعًا وصول أي مساعدات إغاثة إليه تمكن قاطنيه من الحصول على أبسط حاجاتهم الحياتية، وكذلك اﻷردن من جهتها تغلق حدودها، وحتى اليونيسيف أغلقت النقطة الطبية الوحيدة فيه، مما جعل أهلنا فيه بحالة عوز تام حيث ﻻ طعام وﻻ غذاء وﻻ ماء واﻷردن بالمقابل جعل من المعبر اﻹنساني حالة شبه مغلقة، مما يمكننا وصف الحالة العامة لقاطنيه بتعرضهم للموت البطيء، حيث لفظ أكثر من 14 شخص أنفاسهم نتيجة لهذه الظروف غير الإنسانية” واعتبر الحمادي ما يجري للأهل في الركبان ” جريمة إبادة جماعية ضد اﻹنسانية يساهم فيها المُحاصِر والمشترك بالحصار والساكت عنه ممن يستطيع إنقاذ اﻷرواح و ﻻ يبادر بإنقاذها . فالموت البطيء الذي يتعرض له أهلنا في مخيم الركبان عار على جبين اﻹنسانية والضمير اﻹنساني ونطالب كل صاحب ضمير حي في نجدة مخيم الركبان وندعو الهيئة العليا للمفاوضات واﻹئتلاف وكل الفاعليين الثوريين عدم التقاعس في نجدة اﻷهل في مخيم الركبان. وكذلك نناشد المجتمع الدولي وهيئة اﻷمم المتحدة ومنظماتها وجميع دول العالم ﻹنقاذ أهلنا فيه ونقول لهم بأن مأساة هذا المخيم ما هي إﻻ الصورة المصغرة لما يعاني منه السوريون من قبل النظام القاتل المجرم الذي استخدم كل وسائل القتل والقمع واﻹجرام ضد الشعب السوري والذي لن يعيش حياته الطبيعية إﻻ بالخلاص منه ومن داعميه وتحقيق الحرية والكرامة في ظل دولة الوطن والمواطن والقانون واﻹنسان الحر الكريم”.
الناشط السوري أحمد أراجه قال ” إن المجتمع الدولي والإقليمي وخاصة العربي لم ينس فقط هموم السوريين بل حاصرهم في أكثر من مكان، وليست معاناة السوريين في الركبان بفريدة.. إن بعض دول الخليج الغنية تمنع المقيمين من جلب أقرب أقربائهم لزيارتهم.. إن العالم لم ينس السوريين فقط، إنما يتقاسم أجسادهم قصفاً وتجويعاً، ويتقاسم خيرات بلادهم تقسيماً. الحل ثورة تتجدد في كل مكان لأجل كرامة الإنسان”.
المصدر: جيرون