يقول أيمن أبو هاشم ” عملية (غصن الزيتون) تمت باتفاق تركي روسي، وضمن تفاهمات تتعلق بتبادل المصالح وتحديد مناطق النفوذ بينهما، ولا أستبعد أن تكون هذه العملية لفرض ترتيبات مستقبلية لمناطق شمال حلب وإدلب، ومنها إقامة منطقة آمنة، وهو ما سيتوقف على شمول هذه التفاهمات مدينة إدلب وريفها أيضًا”.
بعد انطلاق عملية (غصن الزيتون) باتجاه عفرين، وهذا التقدم السريع والملحوظ، عبر دعم كبير تقدمه تركيا للجيش السوري الحر، وهذا التوافق الواضح التركي الروسي حول عملية من هذا القبيل، وانكشاف ظهر ال (ب ي د) خاصة بعد التصريحات الأميركية بأن عفرين ليست مسألة تهم الأميركان كثيرًا، ضمن هذه المفاعيل، كان لابد من سؤال بعض الساسة والكتاب عن تحليلهم لما يرونه من إمكانية تركية لفرض أو إقامة منطقة آمنة؟ وبالتالي نظرتهم إلى المزاج الدولي حيال هذه العملية؟ وهل سيتمكن (غصن الزيتون) من إحداث تغييرات في مستقبل المشهد السياسي السوري بشكل عام؟ حيث تحدث الباحث السوري محمد خليفة
قائلًا ” بإمكان تركيا إقامة منطقة أمنية في عفرين أو في ادلب. فهي الوحيدة بين الدول التي توجد لها قوات عسكرية على التراب السوري، كروسيا وإيران والولايات المتحدة، تحظى بقبول وتأييد شعبي ورصيد ايجابي كبير بين السوريين حققته بوقوفها مع الثورة واستضافتها لثلاثة ملايين سوري، ودعمها الثابت لحقوق الشعب السوري، وعلاقاتها الوثيقة مع المعارضة السياسية بكل أطيافها، وبالفصائل المقاتلة. ونحن نعتقد أن دخول القوات التركية الى ادلب وعفرين يمثل ضمانة سياسية قوية لإحباط مخططات التقسيم، سواء صدرت عن إيران وروسيا والنظام، أو صدرت عن الأكراد الانفصاليين، أو عن الولايات المتحدة.” لكنه نبه إلى أنه “من الواضح أن سورية الآن عرضة للتشريح والتقاسم والتوزيع بين الدول التي تعتقد أنها انتصرت في الصراع، وصار لها الحق في اقتسام الغنائم وتقرير مصير البلد، ولذلك فإن الدور التركي الآن عامل ايجابي للشعب السوري، لأنه يعارض بقوة التقسيم، ويرفض إقامة مشاريع على حساب وحدة بلادنا وهويتها، وضمان الوصول إلى حل سياسي لصالح شعبنا وثورتنا. سورية تجاوزت مرحلة الحرب الأهلية الداخلية، ودخلت مرحلة الحروب بين الدول الأجنبية على أرضها لاقتسام النفوذ فيها وفي المنطقة. ولذلك فبعض الدول ترى في الدور التركي العسكري خطرًا عليها وعلى مخططاتها ونفوذها، وقد رأينا كيف رفعت أنقرا صوتها عاليًا قبل أسبوعين احتجاجًا على هجوم قوات النظام بدعم ومشاركة من روسيا وإيران على ريف ادلب الجنوبي.” ثم أكد خليفة أن “عملية عفرين أزعجت الأميركيين لأنها تهدد الترتيبات التي تتخذها، وهناك دول أوروبية سارعت بدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد بحيل مكشوفة لتعبر عن اعتراضها على العملية في عفرين. وتجدر الاشارة إلى أن هذه الدول المستاءة من عملية عفرين هي نفسها الدول التي تتبنى تسليح الانفصاليين الأكراد ودعمهم على حساب الدول العربية. ولكن لا بد من القول إن هناك دولًا مهمة أيدت العملية أو تفهمت مبرراتها، كألمانيا وبريطانيا. ولا شك أن لعملية عفرين نتائج ايجابية على الساحة السورية، ولكنها في مستواها ونطاقها الحالي محدودة، وليست نتائج كبيرة. إنها توجه ضربة قوية للمشروع الكردي الانفصالي في شمال حلب ويقطع تمدده باتجاه ادلب والساحل، ولكن هذا المشروع ما يزال قويًا في شرق سورية، في الرقة والطبقة وعين العرب ومنبج وصولًا إلى رأس العين والحسكة والقامشلي، ولذلك لا بد من توجيه ضربات عديدة له في كل مناطقه ومرتكزاته لكيلا يتكرس ويترسخ على الأرض ويسهم في تقسيم الجغرافية السورية ويصبح معلمًا أساسيًا ثابتًا، خصوصًا وأن الأميركيين سيرسلون دبلوماسيين ويقيمون بعثات دبلوماسية في تلك المناطق. الضربة التركية – السورية لكانتون عفرين الانفصالي الكردي يجب أن تكون جزءً من عملية استراتيجية لتقويض المشروع الانفصالي الكردي في جميع مفاصله ومناطقه الأساسية”.
أما الكاتب الصحافي صبحي دسوقي فقد أوضح بقوله ” الهدف المعلن من عملية (غصن الزيتون) هو تحرير عفرين من الميليشيات الإرهابية، ومن أجل جلب الأمان والاستقرار، ولتطهيرها من الميليشيا الانفصالية، ولتخليص السكان من الظلم وإنقاذهم من ممارسات (ب ي د )ومن الأهداف الأخرى إنشاء منطقة آمنة، تحمي الحدود التركية وتتيح للسوريين الراغبين بالعودة إلى سورية، وقد عمد الحزب إلى التطهير العرقي في كل الأمكنة التي بسط نفوذه فيها، ومنع السكان العرب الأصليين من العودة إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم إلا بعد تقديم كفيل كردي، هم يبحثون عن وطن قومي، ويتحالفون مع الجميع من أجل تنفيذ أجندتهم وأحلامهم بعيدًا عن مفهوم المواطنة، متطرفون في أقوالهم وأفعالهم، تحالفوا مع إيران وروسيا والنظام المجرم ومستعدون للتحالف حتى مع الشيطان كي يحققوا أهدافهم بالقضاء على الثورة وتمزيق وحدة التراب السوري، وتحقيق أحلامهم الانفصالية” وأضاف دسوقي” سبع سنوات مرت على الشعب السوري عانى فيها الكثير من القتل والتدمير والخيانة، الشعب السوري ظلم كما أهله الكورد في عهد النظام الأسدي المجرم، وبدلا من وقوفهم مع الثورة السورية وقفوا مع السفاح وساندوه ومارسوا ذات الظلم على السوريين. السوريون يتمنون لعملية (غصن الزيتون) أن تحقق أهدافها، وأن تعيد الكورد إلى المجتمع السوري، نحن والكورد نسيج واحد، ولن يتمكن أحد من فصل هذه العرى، وسبع سنين والتدمير وحتى الكيماوي لم يتحرك فيها المجتمع الدولي المنافق، وسارع للوقوف ضد هذه العملية وأدانها وأوصلها إلى مجلس الأمن وهي في بداياتها، كلنا نتمنى الأمان لأهلنا الكورد وخلاصهم من ميليشيات (ب ي د) المتطرفة التي آذتهم مع كل السوريين”.
الكاتب السوري محمود وهب له رأي مختلف حيث قال لجيرون” منذ أن اخترع الروس أستانة، وجلبوا إليها الأطراف المتدخلة بالشأن السوري، لم يعد بالإمكان توقع شيء محدد. فما يجري على الأرض السورية منذ عام مضى لا دخل فيه على الإطلاق للقوى السورية، نظامًا ومعارضة، وفصائل عسكرية فاعلة. فكل تحوُّل نراه على الأرض إنما يجري بموجب اتفاقات يجهلها الشارع السوري، مع كل أسف، ما أعتقد به ووفق التصريحات الرمادية الروسية والأميركية أنَّ الجانب التركي ماضٍ نحو تحقيق بسط نفوذه على المنطقة الشمالية والشرقية إلى حد ما، تحت مسمى المنطقة الآمنة.” لكنه أردف قائلًا ” أما إذا قدِّر للاجئين السوريين في تركيا اليوم أن يعودوا إلى وطنهم، فسوف تكون هناك متغيرات في المشهد السوري حتمًا. ولكن من منا يعرف فحوى الترتيبات التي أعدتها الأطراف الدولية والإقليمية تجاه ما بات يعرفه الجميع حول مناطق النفوذ أو الفيدراليات أو التقسيم أيضًا. تلك الترتيبات التي ستقف حائلًا دون تحقيق طموحات الشعب السوري. فما يجري على الأرض السورية من عسكرة متعددة الجنسيات أمر مرعب، وبعيد كل البعد عن الشعارات التي يرفعها الشعب السوري تتعلق بوحدة البلاد السورية، واستقلالها، وديمقراطية حكمها المقبل، وحرية شعبها. إنَّ كل ما أخشاه أن نفاجأ مستقبلًا باتفاقية أو اتفاقيات شبيهة بـ: (سايكس بيكو) تعيد الشعب السوري إلى عشرينيات القرن الماضي، وتلقي على عاتقه مهمات شبيهة بأهداف حركات التحرر الوطني”.
أيمن أبو هاشم الكاتب والمحامي الفلسطيني قال” من الواضح أن عملية ” غصن الزيتون ” تمت باتفاق تركي روسي، وضمن تفاهمات تتعلق بتبادل المصالح وتحديد مناطق النفوذ بينهما، ولا أستبعد أن تكون هذه العملية لفرض ترتيبات مستقبلية لمناطق شمال حلب وإدلب، ومنها إقامة منطقة آمنة، وهو ما سيتوقف على شمول هذه التفاهمات مدينة إدلب وريفها أيضًا، وعلينا أن ندرك مدى حاجة الطرفين التركي والروسي للتنسيق على الصعيدين السياسي والميداني، في ضوء مخاوفهما المشتركة من السياسات الأميركية في سورية، سواء على صعيد الدعم الأميركي للأكراد، أو رفض الأميركان انفراد روسيا في القضية السورية، وسيكون لقرار تركيا مواجهة قوات ال pyd في عفرين وشمال حلب، تداعيات على المشهد السياسي بالتأكيد، فهو سيقرب نقاط الخلاف العالقة بين تركيا وروسيا فيما يتعلق بسوتشي وخطوات الحل السياسي، ولن يدفع الأميركان للتخلي عن حليفهم الكردي، بقدر ما يزيد من تمسكهم بدعمه في مناطق شرق سورية، مما سيضعنا أمام مرحلة جديدة تحاول فيها أميركا الشروع في التقسيم الفعلي للأرض السورية وتقوية النزعة الانفصالية لدى الأكراد، واتخاذ المخاوف من عودة داعش التمدد الإيراني ذريعة لتغطية هيمنتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على شرق سورية”. لكنه أيضًا شدد على أنه ” في المقابل أعتقد أن التحالف التركي الروسي سيتعزز لمواجهة تلك السياسات، أما تأثير كل ذلك على الوضع السوري، فهو الاستمرار في الضغوط على قوى الثورة والمعارضة للقبول بحل لا يكون فيه مصير بشار الأسد هو الأولوية، وإنما ترسيم مناطق النفوذ بين القوى المتدخلة، والتي ستكون على حساب المصالح الإيرانية، وبالتالي نحن أمام مرحلة أكثر تعقيدًا مما مضى، ويحتاج إلى متابعة التطورات المتسارعة في ضوء عملية غصن الزيتون ومؤتمر سوتشي، وردود الأفعال الأميركية على هذه التطورات”.
المصدر: جيرون