رائد جبر
ردت وزارة الدفاع الروسية بقوة على تصريحات أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحدث فيها عن تدمير 8 منصات إطلاق لصواريخ «بانتسير» كان الجيش السوري استخدمها لمواجهة الهجوم التركي على مواقعه في محيط مدينة إدلب. وأفاد بيان أصدرته الوزارة أن «التقديرات المقدمة لرئيس الجمهورية التركية حول فاعلية استخدام الطائرات المسيرة الهجومية في محافظة إدلب، التي تمكنت من تدمير 8 منظومات سورية للدفاع الجوي من طراز (بانتسير)، لا تتطابق مع الواقع، وهي أكثر من مبالغ فيها».
وأشارت وزارة الدفاع إلى أن القدرات الرئيسية للدفاعات الجوية السورية، بما فيها أنظمة «بانتسير»، مركزة بشكل أساسي حول دمشق، وكانت هناك 4 منظومات فقط من «بانتسير» في منطقة خفض التصعيد بإدلب.
وأضافت أن «الهجمات التركية أسفرت عن إصابة اثنتين من المنظومات السورية، وفي الوقت الراهن يقترب العمل على إصلاحها من نهايته».
وكان إردوغان قال إن الطائرات المسيرة التركية دمرت 8 منظومات روسية الصنع للدفاع الجوي «بانتسير»، تابعة للجيش السوري، أثناء العملية العسكرية التركية في محافظة إدلب بشمال سوريا. ووصف إردوغان منظومات «بانتسير» بأنها عنصر «قيم ومهم» في الدفاع الجوي السوري بإدلب.
وحملت اللهجة الروسية في النفي، دلالة رمزية مهمة، لأن هذه الصواريخ «بانتسير» تستخدم بالدرجة الأولى لحماية قاعدة «حميميم» من هجمات الطائرات المسيرة، وكانت موسكو أعلنت أكثر من مرة أنها «تصدت بنجاح لكل محاولات اختراق القاعدة وأسقطت كل الطائرات المغيرة عن بعد قبل وصولها إلى أهدافها». وعملت روسيا على الترويج الإعلاني بشكل كبير لهذه المنظومة قصيرة المدى، في إطار مساعيها لكسب أسواق جديدة لبيعها، لذلك فإن التصريحات التركية شكلت إساءة كبيرة لجهود الترويج التي كثفتها موسكو بقوة حول هذه المنظومة على مدار العام الأخير.
إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن مصدر عسكري أن تركيا بدأت بسحب الأسلحة الثقيلة من نقاط مراقبتها في محافظة إدلب، في إطار الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال لقاء الرئيسين الروسي والتركي قبل أسبوع. وقال المصدر إن هذه العملية «تتم بالتدريج».
وكان الرئيسان اتفقا على وثيقة مشتركة تنص على التمسك بصيغة أستانة للتسوية السورية، ووقف إطلاق النار في إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على ممر آمن بعمق 12 كيلومتراً على جانبي الطريق الدولي الاستراتيجي «إم 4».
في غضون ذلك، تباينت وجهات نظرات خبراء روس حول آفاق العلاقة الروسية التركية في سوريا، على خلفية ميل أنقرة للتوصل إلى اتفاقات جديدة مع الأوروبيين حول ملف اللاجئين، وتلويح تركيا المستمر بضرورة توسيع تدخل حلف الأطلسي في الوضع لـ«حماية مصالح تركيا».
ورأى خبراء تحدثت إليهم وكالة «نوفوستي» الروسية أن ثمة ثغرة أساسية في الاتفاقات التي توصل إليها رئيسا روسيا وتركيا لأنها لا تحتوي على فقرة تعالج مشكلة اللاجئين. وقال خبراء إنه «سيتعين على موسكو وأنقرة وبروكسل تنسيق هذه القضية عاجلاً أم آجلاً».
وأفاد الخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية، أليكسي خاليبنيكوف، أن تأثير الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي على الوضع في سوريا لا يزال ضئيلاً، برغم المحاولات التي تبذلها أنقرة لتوسيع حضور الطرفين في هذا الملف، مشيراً إلى أن «نداءات إردوغان المتكررة لحلف شمال الأطلسي للحصول على دعم لتركيا هو بلاغة صوتية تستهدف جمهوراً داخلياً ملتزماً بالتحالف التركي الغربي، من جهة، وهو يشكل رسالة من ناحية أخرى إلى روسيا لإظهار أن الحلف لا يزال إلى جانب أنقرة».
ورأى الخبير أنه «من المؤكد أن الوضع الذي تحاول فيه تركيا الحفاظ على توازن في العلاقات مع إيران وروسيا، وفي الوقت نفسه تحافظ على توازن علاقاتها مع الناتو، سوف يستمر». برغم أنه شكك في احتمال أن يقرر شركاء أنقرة الغربيون في تعزيز حضورهم في الشؤون السورية.
فيما قال خبير السياسات في جامعة موسكو الحكومية، إقبال ديور، إن «الأزمة حول إدلب مهما كانت الجهود المبذولة لتجاوزها ناجحة لن تمر من دون أن تترك أثراً عميقاً على العلاقات الروسية التركية».
وزاد أن نهاية «شهر العسل» بين موسكو وأنقرة كانت مرتقبة عاجلاً أم آجلاً، لكن الأحداث الأخيرة «في إدلب» عجلت العملية.
مع ذلك، رأى الخبير أن التأثيرات «من غير المحتمل أن تكون دراماتيكية أو سريعة على العلاقات الروسية التركية. بسبب كثير من المشروعات الاقتصادية الكبرى التي باتت تربط بين موسكو وأنقرة».
المصدر: الشرق الاوسط